وقوع البول في الماء يستلزم تغيير ما حوله أوّلا ، ثم يمتزج الماء المتغيّر في ما عداه فيذهب صفته.
ويتوجّه على التقريب الأوّل : ما أشرنا إليه في صدر العنوان من أنّ طهارة أعيان النجاسات في الفرض مسبّبة عن استحالتها وانتفاء موضوعها عرفا بالاستهلاك ، فلا يقاس عليها الماء المتنجّس المحكوم بطهارته لأجل الامتزاج ، فضلا عن أن يكون أولى ، لأنّ حصول الاستهلاك بالنسبة إليه إمّا غير مسلّم بعد اتّحاد الممتزجين نوعا ، أو مستلزم لخروجه عن موضوع مسألتنا ، لأنّ الكلام في قابلية الماء المتنجّس للتطهير ، وهذا فرع بقاء موضوعه عرفا ، وإلّا فيؤول الكلام إلى أنّ الكرّ إذا استهلك فيه ماء متنجّس هل ينفعل أم لا ، وهذا خارج عمّا نحن فيه ، ويعلم حكمه بديهة ممّا دلّ على أنّ الماء الكثير لا ينفعل إلّا إذا تغيّر بالنجس.
وأمّا تشبّث الشيخ قدس سرّه بالأولوية مستدلّا على طهارة الكثير المتنجّس بالتغيّر إذا ورد عليه من الكثير ما يزيل تغيّره حيث قال في محكي خلافه : إنّ الماء الوارد لو وقع فيه عين النجاسة لم ينجس ، والماء المتنجّس ليس بأكثر من عين النجاسة (١) ، فإنّما غرضه بيان عدم انفعال الماء الوارد.
وأمّا حكم الماء المورود الذي هو المقصود بالأصالة فيستفاد من ذلك بضميمة مقدّمة مسلّمة عندهم ، وهي : عدم اختلاف ماء واحد في سطح واحد في الحكم من حيث الطهارة والنجاسة.
__________________
(١) الحاكي هو الشيخ الأنصاري في كتاب الطهارة : ١٤ ، وراجع : الخلاف ١ : ١٩٣ ١٩٤ ، المسألة ١٤٨.