القليل كثيرا لا مجال لتوهّم استصحاب القلّة وعدم الكرّية.
وأمّا لو بلغ الماء القليل إلى حدّ يشكّ في كرّيته ، لوقوع الخلاف في أنّ هذا المقدار كرّ أم لا ، كسبعة وعشرين شبرا ، فقد يتوهّم جريان استصحاب القلّة ، وعدم الكرّية ، بناء على المسامحة العرفية في إحراز موضوع المستصحب.
ويدفعه : أنّه لا معنى للمسامحة العرفية بعد العلم بمقدار الماء ، وصيرورته مصداقا لموضوع وقع الخلاف في حكمه ، نظير ما لو وقع الشك في أنّ الوقية ربع الرطل أو خمسه ، ومن المعلوم أنّ في مثل هذا المقام كلّ جزء يفرض ولو أقلّ قليل إذا أثّر في اندراجه تحت الموضوع الذي يشكّ في حكمه بنظر العرف أيضا كالعقل منشأ لتبدّل الموضوع ، فلا يرون المجموع عين الموضوع الذي حكموا في السابق بأنّه ليس بوقية ، والمسامحة العرفية إنّما هي في ما لو زيد على الماء مقدار لا يعتد به عرفا فشكّ في بلوغه إلى حدّ معيّن ، لا في أنّ هذا الحدّ المعيّن كرّ أم ليس بكرّ.
ومرجع الأول إلى تشخيص الموضوع الخارجي ، والثاني إلى تعيين الموضوع الشرعي ، وليس للعرف بالنسبة إلى الثاني مسامحة أصلا ، ولذا يتوقّفون في حكمه ، ولا يفهمونه من إطلاق الحكم الذي علموه للماء قبل بلوغه إلى هذا الحدّ ولو بعد علمهم بحجّية الاستصحاب في الشريعة.
فاتّضح لك أنّ الالتزام بكون الملاقاة مقتضية للتنجيس ممّا لا أثر له في المقام.