ثلاثة أشبار في ثلاثة أشبار عمقها ، يفهم منه عرفا أنّ المأمور به غير مستطيل ، وإلّا لكان عليه بيان مقدار طوله ، ويفهم من إطلاق «ثلاثة أشبار» : أنّه غير مستدير ، لأنّ الظاهر من الإطلاق أن تكون سعته على الإطلاق ثلاثة أشبار من أيّ ناحية تفرض ، والمدوّر ليس كذلك ، إذ ليس ما عدا البعد المفروض في وسطه كذلك ، فالمدوّر تتّصف سعته بكونها ثلاثة أشبار في الجملة لا مطلقا.
وإن أبيت عمّا ادّعيناه من ظهور العبارة في إرادة المربّع فأمر عبدك بحفر حفيرة عمقها شبر في شبر عرضها فما فهمه من كلامك هو المعيار في استكشاف مراد الشارع من أخبار الباب.
وما ذكرناه هو السرّ في فهم جلّ العلماء من جميع هذه الأخبار مقدار البعد الثالث ، مع أنّه لم يرد التنصيص عليه في شيء منها ، عدا رواية الحسن بن صالح على ما في الاستبصار ، ومرسلة الصدوق ، التي هي بحسب الظاهر تفسير بالمعنى.
وفي الحدائق بعد أن ذكر الإيراد على الاستدلال بالروايات لمذهب المشهور ، قال : وبالجملة فهذه الأخبار كلّها مشتركة في عدم عدّ الأبعاد الثلاثة ، ولم أجد لها رادّا من هذه الجهة ، بل ظاهر الأصحاب قديما وحديثا الاتّفاق على قبولها ، وتقدير البعد الثالث فيها ، لدلالة سوق الكلام عليه (١). انتهى.
وقد أشرنا إلى أنّ استفادة البعد الثالث من هذه الأخبار ليس من قبل
__________________
(١) الحدائق الناضرة ١ : ٢٦٣.