الروايتين المتقدّمتين المعمول بهما لدى الأصحاب ـ مخالفتهما لرواية علي بن جعفر في كتابه عن أخيه ، قال : سألته عن جرّة ماء فيها ألف رطل وقع فيه أوقية بول هل يصلح شربه أو الوضوء منه؟ قال عليهالسلام : «لا يصلح» (١) فإنّ ألف رطل ـ على ما اعتبره بعضهم ـ يقرب من ثلاثين شبرا ، فلا معنى للحكم بانفعاله لو كان كرّا ، وحمله على التغيّر بالأوقية من البول ، التي هي نصف السدس من الرطل كما ترى.
نعم يمكن ارتكاب الحمل على تغيّر ما ينقصه على الكرّ في رواية سعيد الأعرج في الجرّة تسع مائة رطل من الماء تقع فيها أوقية من دم أشرب منه وأتوضّأ؟ قال : «لا» (٢) فإنّ التسعمائة أيضا وإن كانت تبلغ سبعة وعشرين شبرا في الغالب إلّا أنّ أوقية من الدم تغيّر لا محالة مقدارا من الماء يقطع بسببه نقصان غير المتغيّر عن كونه كرّا ، فتخرج هذه الرواية عن كونها شاهدة للمدّعى.
وقد ظهر لك ممّا ذكرنا مخالفتهما أيضا لما هو مقتضى التحديد بالوزن المذكور سابقا المتيقّن اعتباره بالنصّ والإجماع ، فإنّ ألفا ومائتي رطل بالعراقي على ما اعتبروه ربما يبلغ إلى ما يقرب من أربعين شبرا ،
__________________
(١) مسائل علي بن جعفر : ١٩٧ ـ ٤٢٠ ، الوسائل ، الباب ٨ من أبواب الماء المطلق ، الحديث ١٦.
(٢) التهذيب ١ : ٤١٨ ـ ١٣٢٠ ، الإستبصار ١ : ٢٣ ـ ٥٦ ، الوسائل ، الباب ٨ من أبواب الماء المطلق ، الحديث ٨ وأيضا الباب ١٣ من تلك الأبواب ، الحديث ٢ ، ولا يخفى أنّ كلمة «تسع» فعل مضارع ، و «مائة» مفعوله ، وليس السؤال عن جرّة فيها تسعمائة رطل من الماء ، فلاحظ.