يفيد في مقام العمل أصلا خصوصا بعد ملاحظة أنّها كتابة ، وأنّ السائل لا يتمكّن من الوصول إلى الإمام عليهالسلام ، فلا بدّ من أن يكون الجواب في مثلها شافيا كافيا.
وكيف كان فلا يمكن تنزيل شيء من الصحيحتين على إرادة هذا المعنى ، بل لا بدّ إمّا من القول بالاستحباب وتنزيلهما عليه ، أو طرحهما ، أو الالتزام بكفاية مطلق نزح الدلاء للمذكورات.
ولكنك قد عرفت أنّ الأخير مخالف للإجماع والأخبار الواردة في تقدير هذه الأمور ، والثاني موقوف على عدم إمكان العمل بهما ، وهو ممكن بحمل الجملة الخبرية على الاستحباب ، والطهارة على معناها اللغوي ، كما يساعد عليه أفهام العرف بعد اطّلاعهم على عدم الوجوب ، فالصحيحتان اللتان هما عمدة أدلّتهم على خلاف مطلوبهم أدلّ.
ومنها : صحيحة ابن أبي يعفور عن أبي عبد الله عليهالسلام : «إذا أتيت البئر وأنت جنب فلم تجد دلوا ولا شيئا تغترف به فيتمّم بالصعيد فإنّ ربّ الماء ربّ الصعيد ، ولا تقع في البئر ولا تفسد على القوم ماءهم» (١).
ويتوجّه على الاستدلال بها : أنّه يفهم من قوله عليهالسلام : «ولا تقع في البئر» إلى آخره : أنّ علّة النهي عن الاغتسال إفساد الماء على القوم ، لا فساد الغسل في حدّ ذاته بحيث لو لا هذا المحذور لجاز الاغتسال منها ، وهذا ينافي نجاسة الماء بوقوعه فيه ، ضرورة أنّ نجاسته تستلزم لغوية
__________________
(١) الكافي ٣ : ٦٥ ـ ٩ ، التهذيب ١ : ١٤٩ ـ ٤٢٦ و ١٨٥ ـ ٥٣٥ ، الاستبصار ١ : ١٢٧ ـ ٤٣٥ ، الوسائل ، الباب ١٤ من أبواب الماء المطلق ، الحديث ٢٢.