سألته عن البئر يقع فيها الحمامة والدجاجة والفأرة والكلب والهرّة ، فقال عليهالسلام :«يجزئك أن تنزح منها دلاء ، فإنّ ذلك يطهّرها إن شاء الله» (١).
والجواب عنها : ما في سابقتها من أنّ إطلاق الدلاء دليل على كون الحكم تنزيهيّا ، وأنّ المراد من الطهارة : النظافة المطلقة لا ما يقابل النجاسة.
قال شيخ مشايخنا المرتضى طاب ثراه : إنّ الأمر بنزح الدلاء في هذه الصحيحة أظهر في الاستحباب من سابقتها من حيث كونه أظهر في مقام البيان فيبعد جدّا حملها على بيان نوع المطهّر ، وإحالة تفصيل كلّ واحد من النجاسات إلى مقام آخر ، فالأولى حمل لفظ التطهير هنا على إرادة إزالة القذارة والنفرة الحاصلة من وقوع تلك الأشياء (٢). انتهى.
أقول : أظهرية هذه الصحيحة من حيث كونها في مقام بيان تمام الحكم إنّما هي بالنظر إلى مجرّد الجواب ، وإلّا فالصحيحة الأولى أيضا بعد ضمّ جواب الإمام عليهالسلام إلى سؤال السائل كهذه الصحيحة من حيث الإباء عن حملها على بيان نوع المطهّر ، لأنّ السائل إنّما سأله عمّا يطهّر البئر حتى يحلّ الوضوء منها ، ولا شبهة أنّه لو كتب مفت في جواب من استفتاه بهذا السؤال : أنّ مطهّر البئر من جنس النزح ، لكان من القبح بمكان ، فلا يجوز تنزيل كلام الإمام عليهالسلام على هذا المعنى المجمل الذي لا
__________________
(١) التهذيب ١ : ٢٣٧ ـ ٦٨٦ ، الإستبصار ١ : ٣٧ ـ ١٠١ ، الوسائل ، الباب ١٧ من أبواب الماء المطلق ، الحديث ٢.
(٢) كتاب الطهارة : ٢٦.