وحاصل الكلام : أنّه لا شاهد على إرادة النجاسة من الإفساد في هذه الصحيحة ، بل الشواهد على خلافها ، ولا يقاس بها صحيحة ابن بزيع ، المتقدّمة (١) في أدلّة الطهارة ، لوضوح الفرق بين الصحيحتين ، فلاحظ.
ومنها : حسنة زرارة وأبي بصير ومحمد بن مسلم ، قالوا : قلنا له :بئر يتوضّأ منها يجري البول قريبا منها ، أينجّسها؟ قال : فقال : «إن كانت البئر في أعلى الوادي والوادي يجري فيه البول من تحتها فكان بينهما قدر ثلاثة أذرع أو أربعة أذرع لم ينجّس ذلك شيء ، وإن كان أقلّ من ذلك نجّسها» قال : «وإن كانت البئر في أسفل الوادي ويمرّ الماء عليها وكان بين البئر وبينه تسعة أذرع لم ينجّسها ، وما كان أقلّ من ذلك فلا تتوضّأ منه» قال زرارة : قلت له : فإن كان مجرى البول بلصقها وكان لا يلبث على الأرض؟ فقال : «ما لم يكن له قرار فليس به بأس وإن استقرّ منه قليل فإنّه لا يثقب الأرض ولا قعر له حتى يبلغ البئر ، وليس على البئر بأس ، فتوضّأ منه ، إنّما ذلك إذا استنقع (٢) كلّه» (٣).
وعن علي بن إبراهيم مثلها إلّا أنّه أسقط قوله : «وإن كان أقلّ من ذلك نجّسها» (٤).
وأجيب عنها أوّلا : بقصورها عن معارضة الأخبار المتقدّمة
__________________
(١) تقدّمت في ص ١٥٧.
(٢) استنقع : ثبت واجتمع وطال مكثه. مجمع البحرين ٤ : ٣٩٩.
(٣) الكافي ٣ : ٧ ـ ٨ ـ ٢ ، الوسائل ، الباب ٢٤ من أبواب الماء المطلق ، الحديث ١.
(٤) التهذيب ١ : ٤١٠ ـ ١٢٩٣ ، الإستبصار ١ : ٤٦ ـ ١٢٨ ، الوسائل ، الباب ٢٤ من أبواب الماء المطلق ، ذيل الحديث ١.