لأنّا نقول : مرجع دعوى الاختصاص إلى أنّه لا يفهم من مثل قوله عليهالسلام :«كلّ شيء طاهر حتّى تعلم أنّه قذر» (١) حكم الشبهة المقرونة بالعلم حيث إنّ النجاسة فيها معلومة.
وهذه الدعوى مسلّمة فيما إذا كان العلم الإجمالي مانعا من استفادة حكم مورد الشبهة من عمومات الأدلّة ، وهذا لا يكون إلّا إذا كانت الأطراف بأسرها موردا للابتلاء.
ألا ترى أنّه لو كان أوان متعدّدة في مورد ابتلاء المكلّف ، فاشتبه طاهرها بنجسها لظلمة ونحوها لا يلتفت ذهنه إلى ملاحظة كلّ واحد واحد منها على سبيل الاستقلال حتى يحمل عليه حكم الشبهة ، بل يرى نفسه عالما بنجاسة مردّدة بين الأواني.
وأمّا إذا لم يكن بعض الأطراف موردا لابتلائه ، فلا يعتنى بعلمه أصلا ، بل ربما لا يلتفت إليه ، وإنّما يلاحظ ما هو محلّ حاجته فيراه شبهة ، ويتمسّك في تشخيص حكمه بعموم قوله عليهالسلام : «كلّ شيء نظيف حتّى تعلم أنّه قذر» (٢) فما ادّعيناه من سلامة الأصل في هذه الموارد عن المعارض هو التحقيق الذي لا محيص عنه ، كما يشهد به ما استقرّ عليه سيرة المتشرّعة على ما هو المغروس في أذهانهم المجبول عليه طباعهم.
هذا كلّه فيما إذا كان خروج بعض الأطراف عن مورد التكليف المنجّز قبل
__________________
(١) التهذيب ١ : ٢٨٤ ـ ٢٨٥ ـ ٨٣٢ ، الوسائل ، الباب ٣٧ من أبواب النجاسات ، الحديث ٤ ، وفيهما : «.. نظيف ..» بدل «طاهر».
(٢) نفس المصدر.