نعم مقتضى الوجه الأوّل : جواز ارتكاب الجميع في الجملة ، لا عن قصد سابق ، وكيف كان فالفرق بين الشبهتين في غاية الوضوح.
وأمّا ما استفاده من قواعد الأصحاب ، إلى آخره ، ففيه : أنّ مورد كلامهم ما إذا كان خارج الماء خارجا عن مورد الابتلاء ، وإلّا فلو كان ممّا يبتلى به المكلّف ـ كما إذا كان الخارج موضع سجوده ـ فلا ريب في أنّ المستفاد من قواعدهم وجوب الاجتناب لا عدمه.
وبما ذكرناه ظهر أيضا أنّ ما ذكره صاحب الحدائق ـ ردّا على ما استنهضه صاحب المدارك مؤيّدا لمختاره بقوله : أقول : وجه الفرق بين ما نحن فيه وما فرضه ـ قدس سرّه ـ ممكن ، فإنّ مقتضى القاعدة المستفادة من الأخبار بالنسبة إلى الاشتباه في المحصور : أن تكون أفراد الاشتباه أمورا معلومة معيّنة بشخصها ، وبالنسبة إلى غير المحصورة أن لا تكون كذلك ، وما ذكره من المشار إليها إنّما هو من الثاني لا الأوّل ، على أنّ القاعدة المذكورة إنّما تتعلّق بالأفراد المندرجة تحت مهيّة واحدة ، والجزئيات التي تحويها حقيقة واحدة ، فإذا اشتبه طاهرها بنجسها وحلالها بحرامها ، فيفرّق فيها بين المحصور وغير المحصور بما تضمّنته تلك الأخبار ، لا وقوع الاشتباه كيف كان (١). انتهى ـ لا يخلو عن نظر.
توضيحه : أنّ ما ذكره فارقا بين المقامين أوّلا بتنزيل حكم الأصحاب على الشبهة الغير المحصورة ، ففيه أنّ مورد حكم الأصحاب أمّا أعمّ أو مخصوص بالشبهة المحصورة ، لأنّ أطراف الشبهة في مفروضهم
__________________
(١) الحدائق الناضرة ١ : ٥١٧.