الأرض؟ وهذا الجواب منه مرضيّ عند العقلاء ، بخلاف ما لو اشتبه في إناءين ، فلا يقبل عذره بالجهل.
ويرشدك إلى ما ذكرناه : ما عن محاسن البرقي عن أبي الجارود ، قال : سألت أبا عبد الله عليهالسلام : عن الجبن ، فقلت : أخبرني من رأى أنّه يجعل فيه الميتة ، فقال : «أمن أجل مكان واحد يجعل فيه الميتة حرم جميع ما في الأرض؟ فما علمت أنّه فيه الميتة فلا تأكله ، وما لم تعلم فاشتر وكل وبع» (١) الخبر ، فإنّه كالصريح في كون الجهل عند كثرة المحتملات عذرا ، وأنّ الالتزام بالتحرّز عن جميعها من المستنكرات عند العقلاء.
وخروج بعض أطراف الشبهة في مورد الرواية عن محلّ الحاجة لا ينافي ظهورها في المطلوب ، كما لا يخفى على المتأمّل.
ومنها : خروج أكثر أفرادها في كثير من مصاديقها عن مورد ابتلاء المكلّف ، وقد عرفت عدم وجوب الاجتناب على هذا التقدير في المحصور فضلا عن غير المحصور ، فيمكن تنزيل كلام الأصحاب على هذه الأفراد الغالبة ، وعلى تقدير إرادتهم العموم فالإجماع هو الفارق بين المقامين وقد عرفت إمكان الترخيص في البعض الذي لا يستلزم ارتكابه مخالفة قطعية ، وهذا المعنى يستفاد من الإجماع في غير المحصور دون غيره.
وأمّا جواز ارتكاب الجميع فلا نسلّمه ، خصوصا مع العزم عليه من أوّل الأمر.
__________________
(١) المحاسن : ٤٩٥ ـ ٥٩٧ ، الوسائل ، الباب ٦١ من أبواب الأطعمة المباحة ، الحديث ٥.