نعم له الترخيص في ارتكاب بعض المحتملات ، والاقتصار على الموافقة الاحتمالية في مقام الامتثال ، ولكنّه لا بدّ في الاقتصار عليه في مقام الامتثال من ثبوت الرخصة من الشارع ، وهي ممنوعة في الشبهات المحصورة ، وقد بيّن ذلك مستقصى في الأصول.
وأمّا ثالثا : فما ذكره من النقض بواجدي المني ، ففيه ما عرفت من عدم تنجّز التكليف بالنسبة إلى كلّ منهما في مثل هذا الفرض ، لخروج الطرف الآخر في حقّ كلّ منهما عن مورد ابتلائه ، فالأصل في حقّ كلّ منهما سليم عن المعارض.
وأمّا تشبيهه بالشبهة الغير المحصورة مع عدم ظهور الفرق بينهما ، ففيه أنّ الفرق بينهما في غاية الوضوح من وجوه :
منها : أنّ كثرة المحتملات تورث الوهن في احتمال مصادفة كلّ فرد من أفرادها للحرام الواقعي المانع من استقلال العقل بوجوب الترك مراعاة لهذا الاحتمال ، كما نشاهد بالوجدان من عدم استقلال العقل بلزوم التحرّز عن أطعمة بلد يعلم بإصابة سمّ قاتل لفرد من أفرادها ، بخلاف ما لو تردّد السمّ بين إناءين أو ثلاثة أو أربعة ، فكثرة المحتملات توجب خروج العلم الإجمالي عن صلاحية كونه بيانا للحرام المحتمل.
ألا ترى أنّه لو نهى المولى عبده عن شرب مائع معيّن واشتبه في ألف إناء من الماء ، فشرب العبد أحدها ، وصادف الحرام لو عاتبه المولى بقوله : لم عصيتني؟ للعبد أن يعتذر بجهله ، فلو احتجّ المولى عليه بعلمه الإجمالي ، له أن يقول : أمن أجل إناء واحد حرم عليّ جميع ما في