الطبيعة من المطلق حتى يتسرّى الحكم إلى سائر الأفراد النادرة ، خصوصا في مثل المقام المعلوم اشتراك الفرد النادر الداخل مع تمام الأفراد الشائعة في جنس قريب أخصّ من صرف الطبيعة ، وهو كونه ماء مطلقا ، فالعلم بإرادة الغسل بماء الكبريت لا يدلّ إلّا على إرادة الغسل بجنس الماء مطلقا لا مطلق الغسل مطلقا.
وثالثا : فبالفرق بين الانصرافين ، فإنّ الانصراف عن ماء النفط والكبريت ليس إلّا لندرة هذا القسم من الماء بحسب الوجود ، وإلّا فالغسل به متعارف ، فانصراف الذهن عنه منشؤه الغفلة وعدم التفاته إليه تفصيلا ، وذلك نظير انصراف ذهن السامع عن الغسل بماء غير المياه الموجودة في بلده ، ومن المعلوم أنّ مثل هذه الانصراف انصرافات بدويّة لا تضرّ في التمسّك بالإطلاقات ، وأمّا الغسل بغير الماء كاللبن والخلّ وماء الورد وغيرها ، فليس لندرة وجودها ، بل لعدم تعارف الغسل بها بحيث لو فرض وجودها عند السامع لا يلتفت إلى الغسل بها أصلا حتّى لو لم يكن عنده الماء ، وهذا النحو من الانصراف هو المضرّ في مقام الاستدلال.
هذا ، مع أنّ الأخبار المقيّدة كافية في إبطال الاستدلال بالمطلقات.
ودعوى أنّ القيد فيها وارد مورد الغالب المتعارف ، مع أنّها بعيدة عن مساق بعضها ليست بأولى من دعوى تنزيل المطلقات على ذلك ، بل الثانية أولى جزما ، وكيف لا وقد ادّعى غير واحد أنّ الغسل لا يطلق حقيقة على الغسل بغير الماء.