والحاصل : أنّ المتبادر منها ليس إلّا أنّ الملاقاة من حيث هي سبب للتنجيس لا الملاقاة التي لم تؤثّر في تطهير الملاقي ، إذ ليس هذه الصفة من الأوصاف المغروسة في الذهن ، الموجبة لانصراف الأدلّة ، ولذا لا يتوهّم انصراف ما دلّ على نجاسة الجامدات الملاقية للنجس برطوبة مسرية عن الأرض النديّة المطهّرة لباطن النعل لو لم نشترط فيها الجفاف أو التراب الرطب المستعمل في إناء الولوغ.
والحاصل : أنّ كون ملاقاة الماء أو غيره مؤثّرة في تطهير ملاقيه إنّما هو من الاعتبارات اللاحقة للملاقاة المستفادة من الأدلّة الخاصّة لا مدخلية لها في تنويع الملاقاة حتى يدّعى أنّ العرف يفهمون من الأدلّة سراية النجاسة إلى الماء في هذا القسم من الملاقاة دون ذلك القسم ، فالواسطة في الانفعال بنظر العرف ليس إلّا الرطوبة المسرية التي لا تنفكّ عن الملاقاة في المائعات ، ولذا لا يرون الواسطة فيها إلّا الملاقاة ، ولا يلتفتون أصلا إلى إمكان حصول التطهير بها وعدمه حتى يتوقّفوا في حكمها على التقدير الأوّل إذا استعملت في التطهير.
فإن قلت : سلّمنا أنّ الواسطة في التأثير في أذهان المتشرّعة ليست في الماء القليل كغيره من المائعات إلّا الملاقاة إلّا أنّ المناسبة بين النجاسات والقذارات الصورية أثّرت في انسباق ما إذا اجتمع الماء مع النجس في الآن الثاني من الملاقاة ، وأمّا إذا أجرى الماء عليه وانفصل منه بسرعة فلا.
قلت : يتوجّه على ذلك ـ مع وضوح فساده من أصله ، كما يكشف