حدسا من كون الحكم معروفا عند أصحاب الأئمّة عليهمالسلام : صحيحة داود بن سرحان ، قال : قلت لأبي عبد الله عليهالسلام : ما تقول في ماء الحمام؟ قال عليهالسلام :«هو بمنزلة الماء الجاري» (١).
والمناقشة في دلالتها : بأنّ إطلاق المنزلة يقتضي عمومها ، وسيأتي أنّه يعتبر في اعتصام ماء الحمام كرّيّة مادّته ، فالصحيحة على خلاف المطلوب أدلّ ، مدفوعة :
أوّلا : بأنّ السؤال إنما هو عن حكم الماء الموجود في الحمّامات ، المتعارف استعماله لدى الحاجة ، وهو في الحمّامات المتعارفة بعد ضمّ المادّة إليه ، فكرّية المادّة مأخوذة في موضوع ماء الحمّام بحسب المتعارف ، فالغرض من التشبيه ليس إلّا بيان كون الماء المعهود الذي يتعارف استعماله بمنزلة مطلق الجاري ، لا أنّ الإمام عليهالسلام أراد بهذا الكلام بيان مساواتهما في الحكم ، وأنّ كلّا منهما بمنزلة الآخر في ما هو شرط في الاعتصام ، فيستفاد من الصحيحة ما يستفاد من الرضوي : «ماء الحمّام سبيله سبيل الجاري إذا كان له مادة» (٢) إذ الظاهر أن التقييد لماء الحمّام ، فيكون التشبيه بعد التقليد ، إلّا أن يقال : خصوصية المورد في الصحيحة لا توجب تخصيص موضوع الحكم ، فتأمّل.
وثانيا : أنّ السؤال بحسب الظاهر إنّما هو عن الانفعال وعدمه لا عن كيفية انفعاله ، فإطلاق التشبيه ينصرف إلى الجهة المعهودة ، فقوله عليهالسلام :
__________________
(١) التهذيب ١ : ٣٧٨ ـ ١١٧٠ ، الوسائل ، الباب ٧ من أبواب الماء المطلق ، الحديث ١.
(٢) الفقه المنسوب للإمام الرضا عليهالسلام : ٨٦.