«هو بمنزلة الجاري» أي : في عدم الانفعال لا في ما يعتبر في اعتصامه ، خصوصا مع كون عدم انفعال الجاري في الجملة هي الجهة الظاهرة التي ينصرف إليها الإطلاق.
وثالثا : أنّه لا قائل بأنّه يعتبر في مادّة الجاري بلوغها كرّا ، لأنّ العلّامة إنّما يعتبر في عدم انفعال الجاري كونه كرّا (١) ، فهو إمّا يعتبر كرّيّة الماء الخارج منفردا ، أو بانضمامه إلى ما في المادّة على تقدير تساوي سطحيهما واتّحادهما عرفا ، وأمّا اعتبار كرّية خصوص ما في المادّة على تقدير اختلافهما وأسفلية الماء الخارج ـ كما في مادّة الحمّام على ما سيتّضح لك في ما بعد إن شاء الله ـ فلا قائل باعتبارها على الظاهر ، والله العالم.
وقد يستدلّ أيضا : بخبر ابن أبي يعفور عن أبي عبد الله عليهالسلام ، قال :قلت له : أخبرني عن ماء الحمّام يغتسل منه الجنب والصبي واليهودي والنصراني والمجوس؟ فقال عليهالسلام : «إنّ ماء الحمّام كماء النهر يطهر بعضه بعضا» (٢).
وفيه : أنّ ماء النهر ينصرف عن العيون الصغار التي لا يبلغ ماؤها كرّا ، فالمقصود من التشبيه بحسب الظاهر بيان كون ماء الحمّام حال اتّصاله بالمادّة وجريانها فيه كالمياه الكثيرة الجارية التي يعتصم بعضها ببعض ، والمقصود في المقام إثبات أنّ الجاري مطلقا معتصم بالمادّة ولو
__________________
(١) منتهى المطلب ١ : ٦ ، تحرير الأحكام ١ : ٤.
(٢) الكافي ٣ : ١٤ ـ ١ ، الوسائل ، الباب ٧ من أبواب الماء المطلق ، الحديث ٧.