فيمنعه التغيّر عن اقتضائه الذاتي ، فإذا زال التغيّر بالنزح يعود الماء الى حالته الاولى ، فيستفاد من الرواية ـ على ما يشهد به سياقها ، ويساعد عليه الفهم العرفي ـ حكمان :
أحدهما : أنّ ماء البئر في غير حال التغيّر واسع مطلقا ، سواء كان قبل أن يتغيّر أم بعده.
والثاني : أنّ التغيّر موجب لعروض النجاسة واستمرارها إلى أن يزول التغيّر بالنزح ، فليست الطهارة بعد زوال التغير وقبل حدوثه حكمين مستقلّين حتى يحتاج حدوث ثانيهما إلى تعليل مستقلّ ، وهذا هو السرّ في استفادة حكم ما بعد التغيّر من الرواية ، وإلّا فليس في اللفظ ما يدلّ عليه ، فلا حظ وتدبّر.
وكيف كان فقد نوقش في دلالة الرواية : باحتمال رجوع التعليل فيها إلى ترتّب ذهاب الريح وطيب الطعم على النزح ، لأنّ هذا الترتّب مستند إلى المادّة ، فيكون بمنزلة قول الرجل : لازم غريمك حتّى يوفّيك حقّك ، فإنّه يكره ملازمتك (١).
وفيه : أنّ هذا الاحتمال في غاية الوهن ، لأنّ إرجاع العلّة في القضايا المعلّلة إلى الإسنادات الضمنية الغير المقصودة بالذات خلاف الظاهر ، مع احتياجه الى ارتكاب التأويل بتقدير جملة خبرية وأمّا في المثال فإنّما هو لوجود القرينة ، وهي : عدم صلاحية كونها
__________________
(١) راجع : حبل المتين : ١١٧.