مثل هذا المقام ليس إلّا أنّه يجب إكرامه لأجل علمه ، فتدلّ الرواية على هذا التقدير أيضا على اشتراط الاتّصال بدلالة تبعية.
وهذا المعنى أنسب بسوق العبارة ، إذ لو كان مراد الإمام عليهالسلام بيان مجرّد اعتبار الاتّصال ، لكان الأنسب أن يقول : إذا اتّصل بمادّته.
هذا ، مع أنّه على هذا التقدير أيضا لا يخلو عن الإشعار.
هذا كلّه ، مع أنّ لنا أن نقول : يستفاد تقوّي السافل بالعالي الكثير من مطلق أخبار ماء الحمّام حتى من قوله عليهالسلام : «ماء الحمام لا ينجّسه شيء» (١) لأنّ العرف لا يساعد على أخذ الأوصاف الإضافية التي لا مدخلية لها في قوام ذات الموضوع قيدا لموضوعيته ، بل هي بنظر أهل العرف معرّفات للموضوع لا مؤثّرات في موضوعيته ، فلا فرق في ما يتفاهم عرفا بين قوله عليهالسلام : «ماء الحمام لا ينجّسه شيء» وبين قولك : الماء المعهود لا ينجّسه شيء ، والخصوصيات التي يحتمل مدخليتها في الحكم بنظر العرف ليست إلّا ما تتعلّق بأوصاف الماء كمّا وكيفا.
وأمّا الاعتبارات اللاحقة له بالإضافة إلى الأمور الخارجية ـ ككونه واقعا في البستان ، أو في البيت ، أو في الحمّام ، أو كونه قريبا من المسجد ، إلى غير ذلك من الأوصاف الإضافية ـ فلا ، من دون فرق بين أن يؤخذ شيء من هذه العناوين موضوعا في الأدلّة للحكم الشرعي كما لو قال : الماء المتّصل بدار زيد لا ينجّسه شيء ، وبين أن يعلّق الحكم على نفس الماء بأن يقول : هذا الماء لا ينجّسه شيء.
__________________
(١) تقدّمت الإشارة إلى مصادره في صفحة ٦١ ، الهامش (٤).