ابن بزيع ، المتقدمة (١) الدالّة على طهارة ماء البئر بعد زوال تغيّره ، معلّلة بأنّ له مادّة ، والأخبار النافية للبأس عن ماء الحمّام ، خصوصا قوله في بعض تلك الروايات : «ماء الحمّام كماء النهر يطهّر بعضه بعضا» (٢).
ويدلّ عليه أيضا : عموم ما أرسله في محكي المختلف عن بعض العلماء عن أبي جعفر عليهالسلام مشيرا إلى غدير من الماء «إنّ هذا لا يصيب شيئا إلّا وطهّره» (٣).
وعموم مرسلة الكاهلي في ماء المطهر «كلّ شيء يراه ماء المطر فقد طهر» (٤) فإنّ مقتضى عمومها طهارة الماء الذي يصيبه الكرّ أو ماء المطر ، وليس عدم طهارة المائعات المتنجّسة إلّا بعد صيرورتها ماء مطلقا منافيا لعموم المستفاد من الروايتين ، لأنّ أصابه ماء المطر والكر بوصف الإطلاق لكلّ جزء من أجزاء المائع المتنجّس لا تتحقّق إلّا بعد صيرورته ماء مطلقا ، وليس مقتضى عمومها إلّا طهارة الجزء الذي يصيبه ماء المطر والكرّ ما دام اتّصافهما بالوصف العنواني ، وهذا لا يتحقّق بالنسبة إلى سائر الأجزاء إلّا بعد ارتفاع صفة الإضافة.
وبهذا ظهر لك أنّه لا يصح الاستشهاد بهاتين الروايتين على كفاية مجرّد الاتّصال بالكرّ وإصابة المطر من دون اعتبار الامتزاج ، لأنّ إصابة جميع الأجزاء تتوقّف على الامتزاج ، وإصابة البعض لا تكفي إلّا في
__________________
(١) تقدّمت في صفحة ٣٦.
(٢) الكافي ٣ : ١٤ ـ ١ ، الوسائل ، الباب ٧ من أبواب الماء المطلق ، الحديث ٧.
(٣) الحاكي هو الشيخ الأنصاري في كتاب الطهارة : ١٦ ، وراجع مختلف الشيعة ١ : ١٥.
(٤) الكافي ٣ : ١٣ ـ ٣ ، الوسائل ، الباب ٦ من أبواب الماء المطلق ، الحديث ٥.