ويستبعدون طهارة ماء نجس إذا كان في إناء ضيّق الفم ، وغمس في الكر من دون أن يحصل الامتزاج ، وهذا بخلاف ما لو كان ماء الإناء طاهرا وغمس في البول ، فإنّ أهل العرف يشهدون بنجاسة.
إن قلت : هب إنّ مجموعه ليس موضوعا واحدا للطهارة ، ولكنّ الروايتين دلّتا على طهارة الجزء الذي يصيبه الكرّ أو ماء المطر ، فهذا الجزء يصير جزءا من الماء العاصم فيطهّر ما يلاقيه ، وهكذا ، فيطهر الجميع من دون أن يتوقّف على الامتزاج ، بل لا يحتاج إلى تخلّل زمان أيضا ، لأنّ الاتّصال بين أجزاء الماء النجس كان حاصلا قبل إصابة الماء العاصم ، فيطهر الجميع في زمان واحد ، وإنّما التأخّر بين الأجزاء ذاتي لا زماني.
قلت : مرجعه إلى السراية الحكمية وقد عرفت في كيفية سراية النجاسة ضعفها بما لا مزيد عليه ، فراجع.
وقد ظهر لك أيضا ضعف الاستدلال لهذا القول : بقوله عليهالسلام : «ماء الحمّام كماء النهر يطهّر بعضه بعضا» (١) لأنّ المتبادر منه كون بعضه مطهّرا للبعض الذي يصل إليه لا البعض الذي ينفصل عنه ، ووصوله إلى جميع الأجزاء موقوف على الامتزاج.
هذا ، مع أنّ طهارة بعض ماء النهر ببعض لا يكون عادة إلّا بالامتزاج ، لأنّ نجاسته لا تكون إلّا بالتغيّر ، فكفاية مجرّد الاتّصال لا
__________________
(١) تقدمت الإشارة إلى مصادره في صفحة ٩٦ ، الهامش (٢).