نظراً إلى أنّ هذه الأدلّة لا تقتضي إلّا الاجتزاء بالغسل عن الوضوء المسبّب عن سببٍ سابق ، لا السبب الذي يتحقّق في أثناء الغسل أو بعده ، ولذا التزمنا في غسل الجنابة بأنّه لو حدث في أثناء الغسل ما يوجب الوضوء ، أتمّ الغسل وتوضّأ ، فغسل الاستحاضة من هذا القبيل.
نعم ، لو اغتسلت بعد البرء ، يكون حينئذٍ كسائر الأغسال ، وأمّا غسلها ما دامت مستحاضة فلا يكون إلّا مثل المثال الذي التزمنا فيه بالوضوء.
وكون حدثها مستمرّاً لا يقتضي كفاية غسلها عن وضوئها ؛ لأنّ قضيّة استمرار الحدث بطلان الوضوء ، لكن ثبت بالدليل العفوُ عنه بالنسبة إلى ما يوجد في أثناء الوضوء والصلاة الواقعة عقيبه بالنسبة إلى تلك الصلاة ، وهذا أمر توقيفيّ لا يكفي في إثباته عموم ما دلّ على أنّ كلّ غسل مجزئ عن الوضوء.
لكنّ التخيّل فاسد ؛ لأنّ مقتضى تلك العمومات كون الغسل أتمّ تأثيراً في إفادة ما يفيده الوضوء من حيث الطهوريّة ، حقيقيّةً كانت أم حكميّة ، ولذا لا ينبغي التأمّل في أنّه لو اغتسل المسلوس غسل الجنابة أو الجمعة على القول بالكفاية ، لأغناه عن وضوئه. وكذا المستحاضة لو اغتسلت غسل الجنابة قبل صلاتها ، فغسل استحاضتها على هذا القول كغسل الجنابة.
نعم ، يبقى الإشكال بالنسبة إلى صلاة العصر والعشاء عند جمعهما مع الظهر والمغرب في الاستحاضة الكثيرة حيث إنّك عرفت أنّه لو عادت الكثيرة قليلةً ، اغتسلت وتوضّأت لكلّ صلاة ، ولها الإتيان بصلاتها الاولى عقيب الغسل ، والاجتزاء به عن وضوئها دون سائر صلواتها ، ومقتضاه