الأوّلان يتعيّن الثالث ، فهذا إجمالاً ممّا لا ينبغي الاستشكال فيه.
وإنّما الإشكال بل الخلاف في أنّه كما يعتبر في الحكم بكون الدم استحاضةً إحراز عدم كونه حيضاً أو نفاساً ، كذلك يعتبر العلم بعدم كونه من قرح أو جرح أو دم عارضي آخر بمنزلتهما ، فلا يحكم بكونه استحاضةً إلّا عند انتفاء سائر الاحتمالات ، أو يدلّ عليه دليل تعبّدي بالخصوص من نصّ أو إجماع ، كما في الدم المتجاوز عن العادة أو بعد النفاس ، وإلّا فيرجع إلى الأُصول ، أم يكفي عدم العلم بكونه من سائر الدماء مطلقاً ، أو يفصّل بين احتمال الجرح أو القرح وبين سائر الاحتمالات ، فلا يعتنى في الثاني دون الأوّل ؛ لاعتناء الشارع به كما عرفته في باب الحيض دون سائر الاحتمالات ، أو يفصّل في ذلك أيضاً بين ما لو كان الاحتمال ناشئاً من العلم بوجود قرح أو جرح وبين غيره ، فلا يعتنى بالاحتمال مطلقاً إلّا عند العلم بوجود القرح أو الجرح ، كما هو مورد اعتناء الشارع باحتمالهما؟ وجوه بل أقوال ، أقواها : عدم الاعتناء مطلقاً بشرط أن لا يكون منشؤ سائر الاحتمالات وجودَ علّة محقّقة مقتضية لقذف الدم.
وإليه يرجع التفصيل الأخير ؛ فإنّ تخصيص القرح والجرح المعلومين بالذكر على الظاهر ليس إلّا لانحصار الاحتمال الناشئ من سبب محقّق عادة بكونه منهما.
وينبغي تقييده أيضاً بما إذا لم يكن احتمال كونه استحاضةً ممّا تبعّده العادات والأمارات ، كما لو رأت الصغيرة الدمَ وهي في سنّ الرضاع.
وكيف كان فيدلّ على عدم الاعتناء بسائر الاحتمالات فيما اخترناه