قال في المدارك في شرح قول المصنّف قدسسره: (وكلّ دم تراه المرأة أقلّ من ثلاثة ولم يكن دم قرح ولا جرح فهو استحاضة) : هذه الكلّيّة إنّما تتمّ إذا استثني دم النفاس ، ومع ذلك فلا بدّ من تقييدها بما إذا كان الدم بصفة دم الاستحاضة ، إلّا فيما دلّ الدليل على خلافه ، كما تقدّم (١). انتهى.
وقد تبعه في ذلك جملة ممّن تأخّر عنه.
وأشار بقوله : كما تقدّم ، إلى القاعدة الكلّيّة التي استظهرها من الأخبار الواردة في من اختلط حيضها بالاستحاضة ، الآمرة بالرجوع إلى أوصاف الدم زاعماً أنّ هذه الأخبار تدلّ على أنّ كلّ ما كان بأوصاف الحيض فهو حيض ، وكلّ ما كان بأوصاف الاستحاضة فهو استحاضة ، فلا ترفع اليد عن هذه الكلّيّة إلّا بدليلٍ (٢).
وفيه بعد الإغماض عن مخالفته للإجماع على ما ادّعاه في شرح المفاتيح ، مضافاً إلى ما عرفت من كون الأوصاف أماراتٍ تعبّديّةً اعتبرها الشارع في موارد مخصوصة لا يجوز التخطّي عنها إلّا بالدليل أنّ الأخبار الواردة في بيان أوصاف كلٍّ من دمي الحيض والاستحاضة كلّها واردة في من استمرّ بها الدم واختلط حيضها بالاستحاضة ، وقد عرفت من تنصيص اللغويّين كما يشهد به لفظا لاستحاضة ويعضده نفس هذه الأخبار سؤالاً وجواباً أنّ الاستحاضة عبارة عن استمرار دم الحيض وتجاوزه عن أيّامه ، وقد أشرنا إلى أنّها لم تستعمل في الأخبار أيضاً إلّا في هذا المعنى ،
__________________
(١) مدارك الأحكام ٢ : ٩.
(٢) انظر : مدارك الأحكام ١ : ٣١٣ و ٣٢٤.