هو الأوّل ، إلّا أنّ الأظهر أنّ مخالفة الفرد النادر غير ضائرة ؛ إذ الظاهر ابتناء مثل هذه الأمارات على الظنّ النوعي الذي لا يمنع من حصوله مخالفة الفرد النادر ، بل لا يبعد دعوى أنّه لا يفهم عرفاً من الرواية إلّا إرادة المعظم ؛ لندرة اتّفاق الكلّ في العادة.
ولكنّها لا تخلو من تأمّل وإن كان ربما يؤيّدها إطلاق الروايتين الأخيرتين ، فتأمّل.
ثمّ إنّه هل يعتبر الإحاطة بعادة الجميع أو المعظم والعلم بموافقتها ، أم يكفي الاطّلاع على البعض المورث للظنّ بموافقة الغير؟ ظاهر الروايتين الأخيرتين ـ بل كاد أن يكون صريح الأخيرة منهما هو الثاني ؛ لما عرفت فيما سبق من أنّه يتعيّن بقرينة النصّ والإجماع حمل الروايتين على ما إذا استكشفت عادة نسائها بمراجعة البعض أو أُمّها أو أُختها ، فتأخذ بعادتهنّ ما لم تعلم مخالفتها لسائر النساء حيث إنّها أمارة نوعيّة لاستكشاف عادة غيرهنّ وقد اعتبرها الشارع بمقتضى الروايتين ، فيستفاد منهما عدم اعتبار إحراز الموافقة بالعلم.
لكنّ الاعتماد على هذا الظاهر في غاية الإشكال ؛ لتعذّر الجمع بينه وبين الأخبار الواردة في حكم المستحاضة التي استمرّ بها الدم على لونٍ واحد ، كمرسلة يونس وغيرها من الأخبار الآتية ؛ لتعذّر تقييدها بما لا ينافي هذا الظاهر ، وهذا بخلاف ما لو اقتصرنا على ما يفهم من مضمرة سماعة وقلنا بأنّ المعتبر إنّما هو اتّفاق جميع النسوة عرفاً وأنّه إنّما يرجع إليهنّ بعد العلم بموافقة الجميع ؛ فإنّه يهوّن تقييد المطلقات بذلك ؛ لندرة موافقة الجميع وبُعْد الاطّلاع عليها ، فيصحّ حينئذٍ إطلاق أمر المبتدئة