هذه الأوامر لورودها في مقام توهّم الحظر لا ظهور لها في الوجوب ، مع أنّه يمتنع عادةً أن يكون مثل هذا الحكم العامّ البلوى واجباً من صدر الإسلام وكان معروفاً بين نساء النبي صلىاللهعليهوآله ، ولم ينته إلى حدّ الضرورة فضلاً عن صيرورته مخالفاً للمشهور أو المجمع عليه.
مع أنّه لو كان واجباً ، لم يكن الأئمّة عليهمالسلام بحسب العادة يتركون التعرّض لبيانه عند بيان أنّ الحائض لا تصلّي ولا يجب عليها قضاؤها في تلك الأخبار الكثيرة.
هذا كلّه ، مع أنّ التعبير بلفظ «ينبغي» في رواية زيد الشحّام ، المتقدّمة (١) ظاهره الاستحباب ، ولا يبعد كون هذا الظهور أقوى من ظهور سائر الروايات في الوجوب.
ثمّ إنّ مقتضى الجمود على ظواهر النصوص والفتاوى : استحباب الوضوء لكلّ صلاة وعدم كفاية وضوء واحد للجلوس مقدار صلاتين وإن لم يتخلّل بينهما حدث ، بل وإن جمعت بينهما في مجلسٍ واحد.
وهذا لا يخلو من تأمّل ، فإنّ المتبادر من الوضوء ليس إلّا الماهيّة المعهودة المؤثّرة في رفع الحدث على تقدير صلاحية المحلّ ، فيفهم من أمر الحائض بإيجاد هذه الطبيعة أنّها تؤثّر في حقّها أثراً لا ينافيه حدث الحيض ، كخفّة الحدث أو ارتفاع الأصفر أو التمرين أو غير ذلك ، فيكون الأمر بالوضوء لأجل كونه سبباً لحصول ذلك الأثر لا التعبّد المحض ، ولذا لا نشكّ في عدم الاعتداد بوضوئها لو بالت عقيبه قبل أن جلست في مصلّاها ، فمتى حصل ذلك الأثر يجوز الإتيان بغايته ، وهي الجلوس في
__________________
(١) في ص ١٨١.