فما عن بعضٍ من تخصيص التسبيح والتهليل والتحميد بالذكر (١) ، من باب المثال ، ولا يبعد أن تكون مرادةً بالخصوص ؛ لكونها أفضل أفراد الذكر ، فيكون اختيارها أشدّ استحباباً ، بل قضيّة خبر [معاوية بن] عمّار استحباب قراءة القرآن أيضاً ، فتكون هذه الرواية مخصّصةً لما دلّ على كراهتها عليها مطلقاً ، كما هو ظاهر.
ثمّ إنّ المتبادر من صلاتها التي يقدّر الذكر بقدرها هي صلاتها التي كان عليها الإتيان بها على تقدير كونها طاهرة ، فيلاحظ حالها في ذلك الوقت من حيث كونها مسافرةً أم حاضرةً ، لا حالها قبل الحيض ، كما قد يتوهّم ؛ لأنّ المنسبق إلى الذهن ليس إلّا كون هذا العمل بدلاً من الصلاة ، ولذا يتبادر إلى الذهن من الأخبار المطلقة كالمقيّدة : إرادة إيجاد الذكر مستقبلة القبلة بمقدار الصلاة ، كما أنّ هذا هو المتبادر من مطلقات عبائر العلماء كما في المتن ، فإنّه لا يشكّ في أنّ المراد جلوسها مستقبلة القبلة مع أنّه لم ينصّ عليه ، بل لا يبعد بمقتضى المناسبة أن يدّعى أنّ المنسبق إلى الذهن ليس إلّا جلوسها بمقتضى عادتها في مصلّاها لو كان لها مصلّى معهود. ولعلّ هذا هو الوجه في تعبير الأصحاب بجلوسها في مصلّاها.
وكيف كان فالأمر فيه سهل.
وعن ابن بابويه : القول بوجوب الوضوء والذكر (٢) ؛ استناداً إلى ظاهر الأمر في الأخبار المتقدّمة.
وفيه : مع أنّه بحسب الظاهر مخالف للإجماع على ما نُقل (٣) أنّ
__________________
(١) حكاه صاحب الجواهر فيها ٣ : ٢٥٥ عن الشهيد في البيان : ٢٠.
(٢) حكاه عنه ولده في الفقيه ١ : ٥٠ ذيل الحديث ١٩٥ نقلاً عن رسالته إليه.
(٣) الناقل هو الشيخ الطوسي في الخلاف ١ : ٢٣٢ ، المسألة ١٩٨.