(أمّا الأوّل : فدم الاستحاضة في الأغلب) على ما يستفاد من مجموع الأخبار المتقدّمة في الفصل السابق ، الواردة في تشخيص دم الحيض عن الاستحاضة عند الاشتباه (أصفر بارد رقيق يخرج بفتور).
وبعض هذه الأوصاف كخروجه بفتور وإن لم ينصّ عليه بالخصوص في الأخبار لكن يستفاد ذلك منها باعتبار أخذ ضدّه ، وهو الخروج بقوّة ودفع ، معرّفاً للحيض في مقام التميّز.
وقد عرفت في مبحث الحيض أنّ هذه الأوصاف وكذا أوصاف الحيض ليست أوصافاً لازمة ، بل هي أمارات غالبيّة اعتبرها الشارع في الجملة في مقام التميّز (وقد يتّفق بمثل هذا الوصف حيضاً) وقد يتّفق عكسه (إذ الصفرة والكدرة في أيّام الحيض حيض ، وفي أيّام الطهر طهر) نصّاً وإجماعاً.
وقد اتّضح لك فيما سبق أنّ أيّام الحيض هي الأيّام التي يمكن أن يكون الدم فيها حيضاً ، وأيّام الطهر ما لم يمكن فيه ذلك. وتخصيص الصفرة والكدرة بالذكر من بين الأوصاف إنّما هو لتبعيّة النصّ المعبّر فيه بمثل هذه العبارة.
ثمّ لا يخفى على المتتبّع في أخبار الباب أنّه ليس للاستحاضة حقيقة شرعيّة ، بل لم تستعمل في شيء من الأخبار بظاهرها إلّا في معناها اللغوي.
ولكنّ الفقهاء رضوان الله عليهم اصطلحوا فسمّوا كلّ دم تراه المرأة بمقتضى طبعها أي من حيث كونها في مقابلة الرجل غير دمي الحيض والنفاس بالاستحاضة.