بقرينة حكمهم بوجوب أغسال ثلاثة على ذات الدم الكثير ، مع أنّ من الواضح أنّها لو رأت قبل الظهر واستمرّ بها إلى الليل لا يجب عليها إلّا غسلان ، ولو رأت قبل العشاءين ، لا يجب عليها إلّا غسل واحد ، فكلماتهم المطلقة منزّلة على إرادة بيان حكم من استمرّ بها الدم (١).
والإنصاف أنّ ما ادّعاه من ظهور الأدلّة في الإطلاق حقٌّ صريح لا مجال لإنكاره ، فلا يجوز رفع اليد عنه إلّا بدليل معتبر ، فإن ثبت إجماعهم على خلافه على وجه علم بإرادة المجمعين ذلك ، فهو ، وإلّا فلا يجوز التخطّي عمّا تقتضيه إطلاقات الأدلّة.
نعم ، لو صحّحنا العمل بالرضويّ ولو بملاحظة انجباره بظاهر الفتاوى ومعقد إجماع الناصريّات ، لكان الأوجه عدم وجوب الغسل بها إلّا لصلاة الغداة. وارتكاب التأويل فيه بما ذكره قدسسره في توجيه كلمات الأصحاب وإن أمكن لكنّه خلاف ظاهر اللفظ ، والله العالم.
(وفي) القسم (الثالث) أي الاستحاضة الكثيرة (يلزمها مع ذلك) أي تغيير القطنة والخرقة والوضوء لكلّ صلاة والغسل لصلاة الغداة (غسلان) آخران : (غسل للظهر والعصر) أي لصلاتهما (تجمع بينهما ، وغسلٌ للمغرب والعشاء تجمع بينهما).
أمّا وجوب الأغسال الثلاثة على المستحاضة التي سأل دمها إجمالاً ممّا لا خلاف فيه نصّاً وفتوى ، بل لا يبعد دعوى تواتر النصوص عليه ، وقد تقدّم أكثرها في مطاوي المباحث السابقة.
__________________
(١) كتاب الطهارة : ٢٥٠.