غاية الأمر أنّ الشارع بيّن أنّ الدم الذي يستعقب الحيض ويسمّى استحاضةً في العرف ليس دم الحيض ، بل هو دم آخر له أوصاف مخصوصة وأحكام خاصّة ، وقد صرّح بالمغايرة غير واحد من اللغويّين أيضاً كما عرفت.
فغاية ما يمكن دعوى استفادته من الأخبار : أنّ هذه الأوصاف من الخواصّ اللازمة لدم الاستحاضة ، وهذا لا يقتضي الحكم بكون كلّ دم بهذه الأوصاف استحاضةً ؛ فإنّ ما تراه المرأة ساعة أو ساعتين غير مسبوق بحيض حيث لا يسمّى في العرف واللغة استحاضةً ليس إلّا كالدم الخارج من غير فرجها ، فكما أنّ تصادق أوصاف دم الاستحاضة على هذا الدم لا يوجب الحكم بكونه استحاضةً فكذا في مثل الفرض.
نعم ، مقتضى كون الأوصاف من الخواصّ اللازمة : تخطئة العرف واللغة في إطلاقهم الاستحاضة على ما تراه المرأة بعد أيّامها مطلقاً ، وعدم تخصيصهم اسم الاستحاضة بواجدة الأوصاف ، لكنّ الشارع قد أقرّهم على ذلك ، وحكم بأنّ ما تراه بعد أيّامها في الجملة استحاضة ، وأنّها إن عرفت أيّامها ، لا تعتني بأوصاف الدم ، فيعلم من ذلك أنّ الشارع بيّن بعض الأوصاف الغالبيّة للرجوع إليها عند الاشتباه واختلاط الحيض بالاستحاضة ، لا مطلقاً.
والحاصل أنّه ليس في شيء من هذه الأخبار إشعار أصلاً بأنّ كلّ دم موصوف بهذه الأوصاف استحاضة ، بل غاية ما يمكن ادّعاؤه إنّما هو دلالتها على أنّ الاستحاضة لا تكون إلّا بهذه الأوصاف ، وهذا لا يجدي في الحكم بكون ما تراه مَنْ ليس بسنّ مَنْ تحيض كالصغيرة واليائسة وما