بناء العقلاء ؛ فإنّك إذا راجعت العرف لا تكاد تجد امرأة تعتني عند خروج الدم من فرجها ما لم تكن مجروحةً أو مقروحة باحتمال كونه غير الدم الطبيعي الذي تختصّ برؤيته النساء ، بل لا ينصرف ذهنها عند رؤيتها للدم إلّا إلى الدم المعهود ، كما لا ينسبق إلى الذهن عند إطلاق قولك : المرأة ترى الدم ، إلّا إلى الدم المعهود.
وكأنّ سرّه أصالة السلامة ، النافية لسائر الاحتمالات ، القاضية بكون الدم هو الدم الأصلي الذي تقتضيه الطبيعة قذفه.
وقد أشرنا في مبحث الحيض إلى أنّ الالتزام بأنّ الاستحاضة أيضاً لا تكون إلا من علّة لا ينافي إمكان إحرازها بأصالة السلامة عند انتفاء احتمال الحيضيّة حيث إنّها من العلل العامّة التي لا تعدّ علّةً بنظر العرف بحيث يحتاج إلى سببٍ حادث زائد عن أصل طبيعتها ، كالقرح والجرح ، فيكون كونه استحاضةً بمنزلة أقرب المجازات في باب الألفاظ ، وقد أشرنا في محلّه إلى أنّ عمل العقلاء في مباحث الألفاظ بمثل هذه الأُمور ليس لأمرٍ مخصوص بها.
وكيف كان فما يؤيّد ذلك بل يدلّ عليه التتبّعُ في أخبار الحيض والاستحاضة سؤالاً وجواباً ، فإنّك لا تكاد تجد في شيء منها الاعتناء بسائر الاحتمالات إلّا عند تحقّق منشئها كالقرح والجرح ودم العذرة ، وأمّا بدونه فلا.
نعم ، في مرسلة يونس القصيرة ذكر الإمام عليهالسلام في مقام إبداء الاحتمال في أنّ الدم الذي رأته يوماً أو يومين ليس بحيض «أنّه من علّة