مسلم ؛ لأنّ تقييد الصحيحة الواردة في مقام البيان في مثل هذا الحكم العامّ البلوى في غاية الإشكال خصوصاً مع ما في الأخبار المقيّدة الدالّة على اعتبار كيفيّة خاصّة من الاختلاف. وهذا هو السرّ في عدم اعتبار المشهور ـ كما نُسب (١) إليهم كيفيّة خاصّة في الاستبراء ، فالمتعيّن حمل هذه الأخبار المقيّدة على بيان أفضل الأفراد ، الموجب لشدّة الوثوق ببراءة الرحم.
فالأظهر ما هو المشهور من وجوب الاستبراء ، وعدم جواز العمل بالأصل قبل الفحص ، كما يؤيّده الوجه الذي أشرنا إليه للقول بوجوب الفحص في مثل هذه الموارد خصوصاً مع ما عُلم من اهتمام الشارع بالصلاة ونحوها ، وعدم رضاه بالمسامحة في أمرها ، كما يشهد به الاستقراء في نظائر المقام.
ولكن لا يخفى عليك أنّ هذا إنّما هو فيما إذا حصل لها تردّد زائد على ما تقتضيه طبيعة الحيض في غالب أوقاته ؛ إذ ليس دائماً ما دام الحيض يسيل الدم على وجه تدركه ، بل في أكثر أوقاتها ليس لها إلّا الظنّ بعدم ارتفاع الحيض ، ولو وجب عليها تحصيل العلم ، لتعسّر بل تعذّر ؛ إذ غاية ما يمكنها الاستبراء ، وهو لا ينفي احتمال كون ما أصاب القطنة آخر ما سال منها من الدم.
والحاصل : أنّه متى حصل لها ترديد زائد عن المتعارف بحيث رأت نفسها متحيّرةً ، وجب عليها الاختبار بإدخال قطنة ونحوها (فإن خرجت نقيّةً ، اغتسلت) إجماعاً كما صرّح به في المدارك (٢) (وإن كانت
__________________
(١) الناسب هو الشيخ الأنصاري في كتاب الطهارة : ٢٢٧.
(٢) مدارك الأحكام ١ : ٣٣٢.