البريّة (١) ، فلا يلتفت إلى روايته.
وأمّا القاعدة : فهي لا تصلح معارضة للأخبار المعتبرة المعمول بها ، فإنّها ليست من القواعد العقليّة الغير القابلة للتخصيص ، وقد تخصّصت في ماء الاستنجاء ، بل في مطلق الغسالة على قول ، فالقول بالنجاسة ضعيف.
لكن قوّاه شيخنا المرتضى رحمهالله ـ بعد أن جعل الأقوى طهارة اللبن ـ بأنّ الرواية وإن كانت ضعيفة السند بمن هو من أكذب البريّة ، موافقة لمذهب العامّة ـ كما عن الشيخ ـ إلّا أنّها منجبرة بالقاعدة ، كما أنّ روايات الطهارة وإن كانت صحيحة إلّا أنّها مخالفة للقاعدة ، وطرح الأخبار الصحيحة المخالفة لأصول المذهب غير عزيز ، إلّا أن تعضد بفتوى الأصحاب ، كما في الإنفحة ، أو بشهرة عظيمة توجب شذوذ المخالف ، وما نحن فيه ليس كذلك (٢). انتهى.
أقول : أمّا موافقة القاعدة لمثل هذه الرواية لو لم توجب مزيد ارتياب فيها كموافقتها للعامّة ، فلا تصلح جابرة لضعفها ، فلا يعارض الأخبار المتقدّمة إلّا نفس القاعدة التي هي من القواعد التعبّديّة المحضة التي غايتها كونها بمنزلة العمومات القطعيّة القابلة للتخصيص ، فلا وجه لاشتراط حجّيّة الأخبار المخالفة لها ـ بعد صحّتها واستفاضتها ـ باعتضادها بالفتوى ، فضلا عن اشتراط الشهرة وشذوذ المخالف.
هذا ، مع ما عرفت من اشتهار العمل بها قديما وحديثا ، فكفى به معاضدا.
__________________
(١) اختيار معرفة الرجال : ٣٠٩ / ٥٥٨.
(٢) كتاب الطهارة : ٣٤٣ ، وانظر : التهذيب ٩ : ٧٧ ، ذيل ح ٣٢٥.