فالصحيحة سليمة عن المعارض يجب الأخذ بظاهرها.
فما في المدارك ـ من حملها على الاستحباب ، جمعا بينها وبين أخبار الطهارة (١) ـ في غير محلّه.
ونظيرها في الحكومة على سائر الأخبار خبر خيران الخادم ، قال : كتبت إلى الرجل أسأله عن الثوب يصيبه الخمر ولحم الخنزير أيصلّى فيه؟ فإنّ أصحابنا قد اختلفوا فيه ، فقال بعضهم : صلّ فيه ، فإنّ الله حرّم شربها ، وقال بعضهم : لا تصلّ فيه ، فوقّع عليهالسلام «لا تصلّ فيه فإنّه رجس» (٢) الحديث ، إذا الظاهر أنّ اختلاف أصحابنا فيه لم يكن إلّا لاختلاف أخبارهم ، وكان هذا منشأ لتحيّر السائل ورجوعه إلى الإمام عليهالسلام ، فما صدر عنه عليهالسلام لبيان حكم ذلك الموضوع الذي اختلفت الروايات فيه لرفع تحيّره لا يعدّ في عرض تلك الأخبار الموجبة لتحيّره.
ثمّ إنّك قد عرفت آنفا أنّ المسكرات المائعة ملحقة بالخمر ، بل مندرجة فيها موضوعا ، لكنّ القدر المتيقّن منها هو المسكرات المائعة بالأصالة ، وأمّا المسكرات الجامدة كالحشيشة ونحوها فمقتضى الأصل طهارتها وإن عرض لها وصف الميعان بأن امتزجت في ماء ونحوه ، بل عن غير واحد دعوى الإجماع عليها.
واستشكله بعض (٣) لو لم يكن إجماعيّا ، نظرا إلى إطلاق بعض الأدلّة
__________________
(١) مدارك الأحكام ٢ : ٢٩٢.
(٢) الكافي ٣ : ٤٠٥ / ٥ ، التهذيب ٢ : ٣٥٨ ـ ٣٥٩ / ١٤٨٥ ، الوسائل ، الباب ٣٨ من أبواب النجاسات ، ح ٤.
(٣) المحقّق الخوانساري في مشارق الشموس : ٣٣٥ ـ ٣٣٦ ، وانظر أيضا : جواهر الكلام ٦ : ١١.