على الاستحباب ، وغايته الإشعار بذلك ، فلا اعتداد به في مقابل ما عرفت.
وأمّا ما في غير واحد من الروايات من تخصيص الفرض بغسل الجنابة وعدّ سائر الأغسال ـ التي منها غسل المسّ ـ من السنن : فلا يدلّ على الاستحباب ، كما لا يخفى على المتأمّل في تلك الروايات.
ولا يبعد أن يكون المراد بالفرض فيها ما ثبت وجوبه بالكتاب.
وكيف كان فلا ينهض مثل هذه الروايات شاهدا لصرف غيرها من الأدلّة.
ثمّ إنّ المنساق إلى الذهن ـ بواسطة المناسبات المغروسة فيه ـ من الأمر بالغسل عند مسّ الميّت كون مسّه كالجنابة والحيض من الأحداث المقتضية للتطهّر منه ، كما أنّ المتبادر من الأمر بغسل الثوب أو البدن عند إصابة شيء كون ذلك الشيء قذرا شرعا ، فيكون المقصود بالغسل التطهّر منه ، لا التعبّد المحض ، كما يشهد لذلك التعليل بـ «الطهارة لما أصابه من نضح الميّت» في بعض الروايات المتقدّمة (١) ، فلا يجب إلّا إذا وجب تحصيل الطهارة لغاياته الواجبة من صلاة ونحوها.
هذا ، مع أنّ الظاهر عدم الخلاف فيه.
وإن أبيت إلّا عن ظهور الأخبار في وجوبه مطلقا ولو عند عدم وجوب فعل الصلاة ونحوها ، فنقول : كفى صارفا لها عن ظاهرها عدم الخلاف فيه ، بل الإجماع عليه ، كما ادّعاه بعض (٢) ، فيكون إطلاق الأمر بغسل مسّ الميّت كإطلاق
__________________
(١) في ص ١٠٦ و ١٠٧.
(٢) أنظر : مجمع الفائدة والبرهان ١ : ٧٢.