الماء الخارجيّ الممزوج بالأجزاء اللطيفة منه لم يكن ينجس بالغليان ، والذي كان ينجس بالغليان إنّما هو ماء العنب الذي لم يبق بعد جفافه.
ودعوى كون غليانه حال العنبيّة سببا لنجاسة الماء الخارجيّ الممزوج به أيضا مغالطة ، فإنّ نجاسة الماء الخارجيّ الممزوج بماء العنب عند غليانه مسبّبة عن الملاقاة للنجس والمزج أو الاستهلاك فيه ، لا عن الغليان.
وكيف كان فلاخفاء في مغايرة عصير الزبيب لعصير العنب ذاتا ووصفا ، لغة وعرفا ، ومقتضى الأصل فيه : الطهارة ما لم يعرض له صفة الإسكار ، بل مقتضى الاستصحاب التعليقي ـ الذي تقدّمت الإشارة إليه ـ أيضا ذلك ، اللهمّ إلّا أن يناقش فيه بتغيّر الموضوع ، فليتأمّل.
وهل يحرم بالغليان كعصير العنب ، أمّ لا؟ فيه قولان ، أشهر هما بل المشهور ـ كما ادّعاه غير واحد ـ : عدم الحرمة.
وعن غير واحد من المتأخّرين ـ وفاقا لبعض فضلائنا المتقدّمين ـ القول بالحرمة.
واستدلّ للقول بالحرمة : برواية زيد النرسي عن الصادق عليهالسلام في الزبيب يدقّ ويلقى في القدر ويصبّ عليه الماء ، فقال : «حرام حتّى يذهب ثلثاه» قلت : الزبيب كما هو يلقى في القدر ، قال : «هو كذلك سواء ، إذا أدّت الحلاوة إلى الماء فقد فسد ، كلّما غلى بنفسه أو بالنار فقد حرم حتّى يذهب ثلثاه» (١).
__________________
(١) أورده كما في المتن البحراني في الحدائق الناضرة ٥ : ١٥٨ عن زيد النرسي وزيد الزرّاد. وفي بحار الأنوار ٦٦ : ٥٠٦ / ٨ ، ومستدرك الوسائل ، الباب ٢ من أبواب الأشربة المحرّمة ، ح ١ بتفاوت.