وربما يوجّه الرواية : بحملها على ما إذا كان القائل عالما بالملازمة بين الجسميّة والحدوث. وفيه بعد.
والأولى حملها على بعض مراتب الكفر الذي لا ينافي الإسلام الظاهري بل الإيمان الناقص ، كيف! وكثير من العوام بل أكثرهم لا يمكنهم تنزيه الربّ عن العلائق الجسمانيّة حيث لا يتعقّلون ـ بواسطة قصورهم ـ مؤثّرا في العالم لا يكون جسما.
ألا ترى أنّك إذا أردت أن تعرّف الأطفال في مبادئ بلوغهم أو قبلها أنّ الله تعالى منزّه عن تلك العلائق مهما سلبت عنه تعالى شيئا منها يتصوّرون ضدّها ، فإذا قلت : إنّه تعالى ليس له لسان ، يتخيّلون أنّه يتكلّم بالإشارة. وإذا قلت : إنّه ليس له بصر ، يتصوّرون في أذهانهم شخصا أعمى ، وهكذا. فإذا قلت : إنّه يسمع بلا سمع ويبصر بلا بصر ويتكلّم بلا لسان ، يرونه متناقضا.
فالأقوى أنّ شيئا من مثل هذه العقائد ما لم يكن منافيا للشهادتين وتصديق النبيّ صلىاللهعليهوآله إجمالا في جميع ماأتى به لا يوجب الكفر خصوصا إذا كان منشؤه القصور.
ومنهم : المجبرة ، حكي عن المبسوط القول بنجاستهم (١) ، وقوّاه كاشف اللثام (٢).
واستدلّ له بالرواية المتقدّمة (٣) ، وبإنكارهم لجملة من الضروريّات ،
__________________
(١) حكاه عنه صاحب كشف اللثام فيه ١ : ٤٠٣ ، وانظر : المبسوط ١ : ١٤.
(٢) كشف اللثام ١ : ٤٠٤.
(٣) أي الرواية المرويّة عن الإمام الرضا عليهالسلام ، المتقدّمة في ص ٢٩٤.