عن مذهب المعتزلة (١).
وأظهر من ذلك القول بطهارة المفوّضة ، بل عن شرح المفاتيح أنّ ظاهر الفقهاء طهارتهم (٢) ، يعني إسلامهم.
فما عن كاشف الغطاء ـ من أنّه عدّ من إنكار الضروريّ القول بالجبر والتفويض (٣) ـ في غاية الضعف ، كيف! وعامّة الناس لا يمكنهم تصوّر أمر بين الأمرين ـ كما هو المرويّ عن أئمّتنا (٤) ـ حتّى يعتقدوا به ، فإنّه من غوامض العلوم بل من الأسرار التي لا يصل إلى حقيقتها إلّا الأوحديّ من الناس الذي هداه الله إلى ذلك.
ألا ترى أنّك إذا أمعنت النظر لوجدت أكثر من تصدّى من أصحابنا لإبطال المذهبين لم يقدر على التخطّي عن مرتبة التفويض وإن أنكره باللّسان حيث زعم أنّ منشأ عدم استقلال العبد في أفعاله كونها صادرة منه بواسطة أنّ الله تعالى أقدره عليها وهيّأ له أسبابها ، مع أنّه لا يظنّ بأحد ممّن يقول بالتفويض إنكار ذلك.
والحاصل : أنّ هذا المعنى ـ بحسب الظاهر ـ عين القول بالتفويض ، مع أنّ عامّة الناس تقصر إفهامهم عن أن تتعقّل (٥) مرتبة فوق هذه المرتبة لا تنتهي إلى مرتبة الجبر.
__________________
(١) كما في كتاب الطهارة ـ للشيخ الأنصاري ـ : ٣٥٩ ، وانظر : جواهر الكلام ٦ : ٥٥.
(٢) كما في جواهر الكلام ٦ : ٥٥ ، وكتاب الطهارة ـ للشيخ الأنصاري ـ : ٣٥٩.
(٣) حكاه عنه الشيخ الأنصاري في كتاب الطهارة : ٣٥٩ ، وانظر : كشف الغطاء : ١٧٣.
(٤) الكافي ١ : ١٦٠ / ١٣ ، التوحيد : ٣٦٢ / ٨ ، عيون أخبار الرضا عليهالسلام ١ : ١٢٤ / ١٧ ، بحار الأنوار ٥ : ١١ ـ ١٢ / ١٨ ، و ١٧ / ٢٧.
(٥) في النسخ الخطّيّة والحجريّة : «تتعقّلوا». والظاهر ما أثبتناه.