أرض المشركين بالروم أنأكله؟ فقال : «أمّا ما علمت أنّه خلطه الحرام فلا تأكله ، وأمّا ما لم تعلم فكل حتّى تعلم أنّه حرام» (١) ويظهر من مثل هذه الروايات وجود قسم حرام في الجبن ، والمراد به ـ على الظاهر ـ ما يطرح فيه إنفحة الميّت ، لمعروفيّة حرمتها لدى العامّة ، فالظاهر جريها مجرى التقيّة ، والأجوبة الواقعة فيها ربما يتراءى منها التورية ، والله العالم.
تنبيه : صرّح غير واحد بعدم اختصاص الحكم بطهارة الإنفحة بما إذا كانت من المأكول ، بل يعمّ إنفحة غير المأكول أيضا ، لإطلاق النصوص والفتاوى ، بل ربما يستظهر من إطلاق الفتاوى عدم الخلاف فيه.
والإنصاف انصراف الإطلاقات إلى الإنفحة المعهودة التي تجعل في الجبن ، بل ربما يستشعر ممّا سمعته (٢) من بعض اللغويّين ـ من تفسيرها بكرش الحمل والجدي ـ : الاختصاص.
لكن مقتضى تعليل طهارتها في رواية (٣) أبي حمزة بكونها كالبيضة وعدم كونها من الأجزاء التي حلّ فيها الحياة : طهارتها ولو لم تسمّ باسم الإنفحة.
لكن بناء على تفسيرها باللبن المستحال يشكل استفادة عدم انفعاله بالعرض من مثل هذه الرواية بعد انصراف الإنفحة ـ التي أريد إثبات طهارتها بالفعل ـ إلى غيره ، فليتأمّل.
وأمّا البيض فهو أيضا ممّا لا خلاف في طهارته ولا إشكال بعد ما ورد في
__________________
(١) التهذيب ٩ : ٧٩ / ٣٣٦ ، الوسائل ، الباب ٦٤ من أبواب الأطعمة المحرّمة ، ح ١.
(٢) في ص ٩١.
(٣) تقدّم تخريجها في ص ٩٢ ، الهامش (٢).