لا استفادة المدّعى من الدليل.
فالذي يغلب على الظنّ معهوديّة الكلّيّة ـ أعني نجاسة البول والخرء من كلّ ما لا يؤكل لحمه ـ لديهم ، ووصولها إليهم يدا بيد على سبيل الإجمال ، كجملة من أحكام النجاسات ، فلمّا أرادوا إثباتها بالبرهان تشبّثوا بمثل هذه الأدلّة القاصرة ، ومن خالفهم نظر إلى قصور الأدلّة ، لا إلى معهوديّة المدّعي ، التي ألجأتهم إلى الاستدلال بها.
فالإنصاف أنّ مخالفة المشهور في مثل هذا الفرع في غاية الإشكال ، لكن موافقتهم ـ بطرح النصّ الخاصّ ورفع اليد عن الأصول المعتبرة ما لم يحصل القطع بتحقّق الكلّيّة في الشريعة على وجه لا تقبل التخصيص ـ أشكل ، فالمسألة موقع تردّد ، والاحتياط ممّا لا ينبغي تركه.
هذا كلّه في غير الخشّاف ، وأمّا الخشّاف فقد يقال بأنّ المتعيّن نجاسة بوله ، لرواية داود الرقّي ، قال : سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن بول الخشاشيف يصيب ثوبي فأطلبه ولا أجده ، قال : «اغسل ثوبك» (١).
وهذه الرواية مستند الشيخ في استثنائه الخشّاف في المبسوط على ما حكي (٢) عنه.
وفيه : أنّها معارضة بما رواه غياث عن جعفر عن أبيه عليهماالسلام قال : «لا بأس
__________________
(١) التهذيب ١ : ٢٦٥ / ٧٧٧ ، الإستبصار ١ : ١٨٨ / ٦٥٨ ، الوسائل ، الباب ١٠ من أبواب النجاسات ، ح ٤.
(٢) حكاه عنه الشهيد في الذكرى ١ : ١١٠ ، وكذا العاملي في مدارك الأحكام ٢ : ٢٥٩ ، وانظر :المبسوط ١ : ٣٩.