وآوى إلى منزلك ، وكلّ طير يستجير بك فأجره» (١) حيث علّل الطهارة بأكل اللحم لا بالطيران.
وفيه : أنّ غايته الإشعار بالعلّيّة.
ولعلّ النكتة في ذكر قوله عليهالسلام : «هو ممّا يؤكل لحمه» التنبيه على تحقّق حلّ اللحم الذي هو في حدّ ذاته سبب لنفي البأس ولو من غير طيران ، فلا ينافي ذلك كون الطيران أيضا سببا.
وعلى تقدير تسليم ظهوره في المدّعى فليس على وجه يعارض ظهور الموثّقة التي عرفت عدم قبولها للصرف ، بل لو سلّم صراحتها في السببيّة المنحصرة ، لتعيّن حمل البأس المفهوم منها على ما يعمّ الكراهة ، كما في رواية عبد الرحمن ، المتقدّمة (٢) ، جمعا بينها وبين الموثّقة.
فظهر بما ذكرنا عدم صلاحيّة شيء من المذكورات لإثبات مذهب المشهور ، فالقائل بالطهارة مستظهر بحجّيّة ، بل لو لم يكن له النصّ الخاصّ ، لكفاه الأصل ، وعموم «كلّ شيء نظيف» (٣) إلى آخره.
لكنّ الذي أوقعنا في الريبة من هذا القول وضوح ضعف مستند المشهور ، وعدم صلاحيّته لمعارضة الأصل ، فضلا عن النصّ الخاصّ ، فيظنّ بذلك أنّ استدلالهم بمثل هذه الأدلّة لم يكن إلّا من باب تطبيق الدليل على المدّعى ،
__________________
(١) أوردها العلّامة الحلّي في مختلف الشيعة ٨ : ٣١٠ ، ضمن المسألة ٢٥ نقلا عن كتاب عمّار ابن موسى.
(٢) في ص ١٤.
(٣) تقدّم تخريجه في ص ١١ ، الهامش (٣).