فظهر لك أنّ القول بالسراية مع الجفاف ضعيف ، لكن لا ينبغي ترك الاحتياط في خصوص اليد الماسّة له بغسلها لرجاء التعبّد به ، والله العالم.
وهل ينجس الميّت بمجرّد موته أم لا ينجس إلّا إذا برد ، كما لا يجب الغسل إلّا بعد البرد؟ قولان ، أظهر هما : الأوّل ، لإطلاق الأخبار المتقدّمة ، مع ما في التوقيع (١) المروي عن الاحتجاج من التصريح بذلك.
وما في ذيل رواية (٢) إبراهيم بن ميمون ـ من التفسير بقوله : يعني إذا برد الميّت ـ لم ينهض حجّة لصرف الأدلّة عن ظاهرها.
وما قيل ـ من عدم انقطاع علقة الروح ما دامت الحرارة باقية ، فلا يتحقّق الموت إلّا بعد البرد ، أو أنّه لا يحصل الجزم بالموت مع الحرارة ـ ممّا لا ينبغي الالتفات إليه بعد تحقّق الموت عرفا ولغة ، ولذا يجوز غسله ودفنه قبل البرد من غير نقل خلاف فيه ، كما أنّه لم ينقل الالتزام بهذا التقييد من أحد بالنسبة إلى الميتة من سائر الحيوانات ، مع أنّ قضيّة الاستدلال ببقاء علاقة الروح أو عدم الجزم بالموت : الاطّراد.
وأضعف منه الاستدلال عليه بالملازمة بين النجاسة وغسل المسّ ، ولمّا لم يجب الغسل بمسّه إلّا بعد البرد ـ كما ستعرف ـ لا ينجس إلّا بعده.
وفيه ما لا يخفى بعد تعليق الثاني ـ نصّا وفتوى ـ بالبرد ، والأوّل بالموت.
وربما يستدلّ له أيضا : بإطلاق نفي البأس في خبر إسماعيل بن جابر ، قال :
__________________
(١) تقدّم تخريجه في ص ٥٥ ، الهامش (١).
(٢) تقدّم تخريجها في ص ٥٤ ، الهامش (٢) ولا حظ التعليقة رقم (٣) هناك.