دخلت على أبي عبد الله عليهالسلام حين مات ابنه إسماعيل الأكبر ، فجعل يقبّله وهو ميّت ، فقلت : جعلت فداك أليس لا ينبغي أن يمسّ الميّت ومن مسّه فعليه الغسل؟ قال : «أمّا بحرارته فلا بأس ، إنّما ذاك إذا برد» (١).
وصحيحة محمّد بن مسلم عن أبي جعفر عليهالسلام قال : «مسّ الميّت عند موته وبعد غسله والقبلة ليس بها بأس» (٢).
وفيه : أنّ المتبادر من الرواية الأولى إرادة نفي الغسل الذي توهّمه السائل ، وبيان أنّ ذلك الشيء الذي توهّمه من وجوب الغسل إنّما هو بعد البرد.
هذا ، مع أنّ نفي البأس عنه إنّما هو بلحاظ مسّه من حيث هو ، فلا ينافيه وجوب غسل ملاقيه على تقدير اشتماله على رطوبة مسرية.
نعم ، ربما يؤيّد مثل هذه الرواية ما قوّيناه من عدم السراية على تقدير الجفاف.
وأمّا الرواية الثانية فلا تخلو عن شوب إجمال ، فليس فيها إطلاق يفهم منه عدم انفعال ملاقيه على تقدير اشتماله على الرطوبة المتعدّية.
وليعلم أنّ ما ذكرناه من تنجّس الميّت بموته مخصوص بغير المعصومين الذين أذهب الله تعالى عنهم الرجس وطهّرهم تطهيرا ، وبغير من شرّع له تقديم الغسل فاغتسل ، كالمرجوم ، كما ظهر لك وجهه في مبحث أحكام الأموات.
__________________
(١) التهذيب ١ : ٤٢٩ / ١٣٦٦ ، الوسائل ، الباب ١ من أبواب غسل المسّ ، ح ١.
(٢) الفقيه ١ : ٨٧ / ٤٠٣ ، التهذيب ١ : ٤٣٠ / ١٣٧٠ ، الإستبصار ١ : ١٠٠ / ٣٢٦ ، الوسائل ، الباب ٣ من أبواب غسل المسّ ، ح ١.