لكنّ هذا في مقام التصوّر التفصيلي ، وإلّا فلا يبعد أن يكون ما هو المغروس في أذهان عامّة أصحابنا خواصّهم وعوامهم مرتبة فوق هذه المرتبة ، فإنّهم لم يزالوا يربطون المكوّنات بأسرها من أفعال العباد وغيرها في حدوثها وبقائها بمشيئة الله تعالى وقدرته من غير أن يعزلوا عللها عن التأثير حتّى يلزم منه بالنسبة إلى أفعال العباد الجبر ، أو يلتزموا بكون المشيئة من أجزاء عللها حتّى يلزمه الإشراك والوهن في سلطان الله تعالى.
وهذا المعنى وإن صعب تصوّره والإذعان به لدى الالتفات التفصيلي ، لما فيه من المناقضة الظاهرة لدى العقول القاصرة ، لكنّه إجمالا مغروس في الأذهان ، ومآله ـ على الظاهر ـ إلى الالتزام بالأمر بين الأمرين بالنسبة إلى معلولات جميع العلل من أفعال العباد وغيرها.
وكيف كان فلا ينبغي الارتياب في أنّه ليس شيء من مثل هذه العقائد ـ التي ربما يعجز الفحول عن إبطالها مع مساعدة بعض ظواهر الكتاب والسنّة عليها ـ إنكارا للضروريّ ، والله العالم.
واعلم أنّ المشهور بين أصحابنا ـ رضوان الله عليهم ـ كما صرّح به شيخنا المرتضى (١) رحمهالله وغيره (٢) : طهارة ولد الزنا وإسلامه ، لأصالة الطهارة ، وأصالة الإسلام ، لحديث الفطرة (٣) ، السالم عن دليل حاكم عليه في المقام.
__________________
(١) كتاب الطهارة : ٣٥٩.
(٢) جواهر الكلام ٦ : ٦٨.
(٣) الفقيه ٢ : ٢٦ ـ ٢٧ / ٩٦ ، علل الشرائع : ٣٧٦ (الباب ١٠٤) ح ٢ ، الوسائل ، الباب ٤٨ من أبواب جهاد العدوّ وما يناسبه ، ح ٣ عن الإمام الصادق عليهالسلام. وتقدّم أيضا في ص ٢٦٥ ، الهامش (٣) عن المصادر الحديثيّة لأبناء العامّة عن النبيّ صلىاللهعليهوآله.