المسلمين من حيث المعاشرة. وتنزيل مثل هذه المعاشرة في الأعصار الطويلة على التقيّة في غاية البعد.
وقد يجاب عن ذلك : بأنّ أغلب الناس كانوا يظهرون النصب والتبرّي من الأئمّة عليهمالسلام خوفا من سلطان الجور ، وإلّا فلم يكونوا في الواقع نواصب.
وفيه : أنّ ظاهر القول والفعل حجّة معتبرة لا يجوز رفع اليد عنه إلّا في الموارد التي علم خلافه.
ودعوى : اختصاص معاشرتهم بخصوص هذه الموارد بعيدة.
والأولى في الجواب ما نبّه عليه شيخنا المرتضى (١) رحمهالله من أنّ أغلب الأحكام الشرعيّة انتشرت في عصر الصادقين عليهماالسلام ، فلا مانع من أن يكون كفر النواصب منها ، فأصحاب الأئمّة عليهمالسلام الذين كانوا يخالطون النواصب في دولة بني أميّة ـ لعنهم الله ـ لم يكونوا يعلمون هذا الحكم. وأمّا الأئمّة عليهمالسلام فلم يعلم معاشرتهم مع النواصب والخوارج في غير مقام التقيّة ، والله العالم.
(و) قد ظهر بما تقدّمت الإشارة إليه في مطاوي كلماتنا السابقة أنّ عمدة المستند للحكم بنجاسة سائر أصناف المرتدّين إنّما هو الإجماع.
والخدشة فيه بعدم الثبوت كأنّها في غير محلّها.
بقي الكلام في بعض الفرق المحكوم بكفرهم.
منهم (الغلاة) ولا شبهة في كفرهم بناء على تفسير هم بمن يعتقد ربوبيّة أمير المؤمنين عليهالسلام أو غيره من الخلق ، فإنّه إن اعتقد أنّ الشخص الخارجي
__________________
(١) كتاب الطهارة : ٣٥٨.