الْكافِرُونَ حَقًّا) (١) وإن كانت الآية بظاهرها منصرفة عنه.
هذا إذا كان ملتفتا ، وأمّا إن كان غافلا عن التنافي أو معتقدا عدمه ، فإمّا أن يكون منشؤ غفلته المسامحة وعدم المبالاة بالدين ، كغفلة المنهمكين في شرب الخمر ـ مثلا ـ عن حرمتها من باب عدم المبالاة بالحرمة ، أو منشؤها الاغترار بقول من يحسنون به الظنّ ، كالهمج الرعاء ، الذين قلّدوا رؤساءهم ومشايخهم في قتل الحسين عليهالسلام والخروج على الأمير عليهالسلام ، فأخذوا بقولهم ونبذوا ما بلغهم عن الله ورسوله في فضلهما وراء ظهورهم ، فحالهم حال عوام اليهود الذين قلّدوا علماءهم في تكذيب النبيّ صلىاللهعليهوآله ، وعلماؤهم كعلمائهم ، فلا ينبغي الاستشكال في كفرهم بعد فرض علمهم بقول النبيّ صلىاللهعليهوآله ، وعدم اعتنائهم به ، سواء كان مبناه المسامحة أو التقليد.
اللهمّ إلّا أن يكون حسن الظنّ بمقلّده موجبا للتشكيك في ما أراده النبيّ صلىاللهعليهوآله بقوله ، لا في صحّة القول وعدم الإيمان به على الإطلاق ، فيكون معترفا بما إرادة النبيّ صلىاللهعليهوآله بمقتضى تصديقه الإجماليّ ، لا بظاهر قوله. وسيأتي الكلام في حكم هذه الصورة.
وإمّا أن يكون منشؤ الغفلة غفلته عن مقام النبوّة وتوهّم كون الحكم الخاصّ الصادر عن النبيّ صلىاللهعليهوآله ناشئا من اجتهاده أو ميلة النفسانيّ ، فخطّأه في ذلك غفلة عن كونه ردّا على النبيّ صلىاللهعليهوآله بل تكذيبا لله تعالى في قوله (وَما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى) (٢) فهذا النحو من الإنكار قد يكون بدويّا يرتدع المنكر عنه بمجرّد
__________________
(١) النساء ٤ : ١٥٠ و ١٥١.
(٢) النجم ٥٣ : ٣.