ورواقا جيدا ، وبه ايوان جيد ، ومسجد جيد ، وخلاوي كثيرة للفقراء ، وميضأة ، وبيت للكتب الموقوفة بها ، ومساكن للنساء ، وقرر فيها اماما ومؤذنا وقيما وواعظا ، حتى صارت من محال الدنيا الغريبة ، يقام بها الذكر كل ليلة ثلاثاء ويقصدها الناس من كل جهة ، ويجعل لهم ألوان الاطعمة. ثم بعد موته ولاها السلطان للشيخ قاسم الديري الصوفي وكان رجلا جيدا ، فوقع بينه وبين ولد ابنة الشيخ عبد الرحمن النزاع على ذلك ، ثم اصطلحا على المناصفة ، ثم مات الشيخ قاسم فاستقل بها ابن بنته ، وكان قد ركبته ديون بسبب ذلك فجعل يطالب بها ويضيق عليه فيتسلم اوقافها المدد الطويلة اصحاب الاواجر منه فتلاشى امر وقفها انتهى.
«قلت» ابن بنته هذا هو علي بن عمر بن علي الصالحي الحنبلي الشيخ الصالح القدوة علاء الدين ابو الحسن الشهير بابن البانياسي ، اشتغل يسيرا واخذ الحديث عن النظام بن مفلح والجمال بن الحرستاني وابي العباس بن الشريفة ، ولبس خرقة التصوف القادرية من جماعة منهم الشيخ قاسم المذكور ، وولي النظر على زاوية جده هذه ومشيختها ، ولديه تواضع زائد وتودد للناس ومحبة لطلبة العلم ، اجازني شفاها وانشدني عدة اشياء. توجه الى طرابلس بسبب بنت له في سنة ثمان عشرة وتسعمائة ، ثم بلغنا فيها أنه توفي هناك رحمهالله تعالى ، فولى مشيخة هذه الزاوية مع نظرها شمس الدين محمد بن احمد بن البانياسي الصالحي الحنبلي ابن بنت الشيخ عبد الرحمن ايضا ، اشتغل بعض شيء وسمع على البدر بن نبهان بعض الصحيح ، وذكر لي صاحبنا ابو العباس بن البغدادي انه سمعه عليه كاملا واكثر عن شيخنا ابي البقاء ابن ابي عمر واجاز له جماعة ، ثم اشتغل بجمع الدنيا والاعتناء بها ، نزل عليه ناس بهذه الزاوية بعد فراغ الوقت ليلة الثلاثاء العشرين من