ثم الصالحي ، الشيخ الامام المحدث علامة الزمان شيخ المسلمين ابو محمد شرف الدين.
توفي والده وهو صغير فحفظ القرآن وصلى به وكان يحفظه الى آخر عمره ويقوم به في التراويح في كل سنة بجامع الأفرم ، له محفوظات كثيرة منها المقنع في الفقه ومختصر ابن الحاجب في الاصول وألفية ابن مالك في النحو وألفية الجويني في علوم الحديث والانتصار في الحديث مؤلف جده قاضي القضاة جمال الدين المرداوي ، وكان علامة في الفقه يستحضر غالب فروع والده ، أستاذا في الأصول ، بارعا في التفسير والحديث مشاركا فيما سوى ذلك ، وكان شيخ الحنابلة بالشام بل بالممالك وأثنى عليه الأئمة في عصره كالبلقيني والتفهني (١) والديري ، واجتمع في آخر الأمر بالمحقق علاء الدين البخاري فتكلم معه في أنواع من العلم فأعجبه كثيرا وقال الحمد لله الذي هذا في هذه البلاد ، واجتمع في حال الشبيبة بالعلامة كمال الدين شيخ الشخيونية وتكلم معه في شرحه على المختصر في مواضع فاستحسن كلامه ، وأخذ عن أخيه برهان الدين والخطيب شمس الدين والشهاب بن خضر ، وأفتى ودرس وناظر واشتغل في العلوم وباشر نيابة الحكم قبل الفتنة وبعدها دهرا طويلا ثم ترك ذلك ولزم بيته يقصد للاشغال والافتاء ، حدث عن ابن أميلة والحافظ ابن المحب الصامت وخرج ، توفي ليلة الجمعة ثاني ذي القعدة سنة اربع وثلاثين وثمانمائة ، وصلي عليه بعد صلاة الجمعة بالجامع المظفري ، وكان إماما قاضي القضاة شهاب الدين الأموي الشافعي وحضر بقية القضاة والاعيان وكانت له جنازة حافلة لم يخلف بعده مثله ، ودفن عند والده واخوته بالروضة.
* * *
__________________
(١) بفتح اوله وثانيه وسكون ثالثه ثم نون نسبة الى قرية بالقرب من دمياط (الضوء اللامع ١١ / ١٩٤).