والكندية ، ثم رحل سنة ثلاث وثمانين فسمع من العز الحراني وهو أقدم شيوخه وطبقته ، وسمع بالحرمين ، وبحلب ، وحماة ، وبعلبك ، وغير ذلك.
وأعلى ما سمع باجازة من طريق ابن كليب ، وأعلى مسموعاته مطلقا الغيلانيات ثم القطيعيات ، وقد فاته السماع من [ص ١٤٣] ابن عبد الدائم مع امكانه ، ونسخ بخطه المليح المتقن كثيرا لنفسه ولغيره ، ونظر في اللغة ومهر فيها وفي التصريف ، وقرأ العربية فقل أن يوجد في خطه لحنة أو سقطة.
وأما معرفة الرجال فهو حامل لوائها بأعبائها لم تر العيون مثله ، عمل كتاب : تهذيب الكمال مائتين (؟) جزء وخمسين جزءا ، وكتاب الأطراف في بضعة وثمانين جزءا ، ومن المعلوم أن المحدثين من بعده عيال على هذين الكتابين ، وخرج لغير واحد وأملى مجالس ، وأوضح مشكلات من علم الحديث ما سبق اليها.
وولي المشيخة بأماكن منها : دار الحديث الاشرفية وبها مات ، وكان ثقة حجة كثير العلم حسن الاخلاق كثير السكوت صادق اللهجة لم تعرف له صبوة ، وكان يطالع وينقل الطباق اذا حدث ، وهو في ذلك لا يكاد يخفى عليه شيء مما يقرأ بل يرد عليه في المتن والاسناد ردا مفيدا يتعجب منه فضلاء الجماعة ، وكان متواضعا حليما ذا مروءة وسماحة وقناعة باليسير باذلا لكتبه وفوائده ، صبورا على الأذى مقتصدا في ملبسه ومأكله ، كثير المشي في مصالحه ، ترافق هو وشيخ الاسلام التقي بن تيمية كثيرا في سماع الحديث ، وفي النظر في العلم ، وكان يقرر طريقة السلف في السنة ويعضد ذلك بمباحث نظرية ، وقواعد