ظلمه ويحسن اليه ، وأعار داره التي بالدير لابن أخيه عز الدين ابي الفتح مدة يسكن فيها ثم لم يعد الى سكناها ولم يكن له غيرها ، وكان يقضي صلوات وربما قضى في عمره الصلاة الواحدة مائة سنة (١) وكان يصوم يوما ويفطر يوما ، وكان كثير الدعاء بالليل والنهار ، واذا دعا كاد القلب يشهد باجابة دعائه من كثرة ابتهاله ، ولا يكاد يقطعه ، ويتوخى اوقات الاجابة وأماكنها ، ويواظب في الدعاء يوم الاربعاء بين الظهر والعصر بمقابر الشهداء من باب الصغير ، وقال ما رأيت أسرع اجابة من قول : يا لله يا لله ، أنت الله ، بلى والله ، أنت الذي لا إله الا أنت الله الله والله انه لا اله الا الله ، وحكى علي بن ابي بكر الطحان قال : كان لي ابن مريض فقلت ادعو بدعاء مقاتل بن سليمان مائة مرة فدعوت به ثم جئت اليه فالتفت الي والى الحاضرين وقال : دعاء بلا عمل لا ينفع.
وذكر الضياء في كتاب الحكايات المقتبسة من كرامات مشايخ الارض المقدسة فصلا في كراماته ، وحدث عبد الرحمن بن محمد بن عبد الجبار أن زوجته عائشة بنت خلف بن راجح حدثته أنها رأت في النوم قائلا يقول للعماد : قل له يدعو لكم فانه من السبعة الذين تقوم بهم الارض ، وقد ذكره ابو المظفر سبط ابن الجوزي في تاريخه وأثنى عليه ثناء كثيرا وقال : ما تحرك بحركة ولا مشى خطوة ولا تكلم بكلمة إلا لله ، وكان يتعبد بالاخلاص ، ولقد رأيته مرارا في الحلقة بجامع دمشق والخطيب يوم الجمعة فيقوم ويأخذ الابريق ويضع بلبلته على فيه [ص ١٤٧] على رؤوس الاشهاد ويوهم الناس انه يشرب وانه لصائم ، قال : وكان يحضر مجالسي دائما بجامع دمشق وقاسيون ويقول : صلاح
__________________
(١) هذا من اختيارات تقي الدين احمد بن تيمية من أن الصلاة الفائتة لا تعاد وانما يكثر من السنن بدلا عنها.