وقال قاضي القضاة البرهان بن مفلح في كتاب المقصد الارشد في طبقات أصحاب الامام أحمد : قال الشيخ شهاب الدين بن حجي : كان عفيفا نزيها ورعا صالحا ناسكا خاشعا ذا سمت ووقار ولم يغير ملبسه وهيئته ، يركب الحمارة ويفصل الحكومات بسكون ، ولا يحابي أحدا ، ولا يحضر مع النائب الا يوم دار العدل ، وأما في العيد والمحمل فلا يركب ، وكان مع ذلك عارفا بالمذهب لم يكن فيهم مثله مع فهم وكلام جيد في النظر والبحث ومشاركة في أصول وعربية ، وجمع كتابا في أحاديث الاحكام حسنا ، وكان قبل القضاء يتصدر بالجامع المظفري للاشغال والفتوى ، لم يتفق لي السماع منه ولكن أجاز لي.
(قلت) وقد أجاز لجدنا الشيخ شرف الدين واخوته ، وكتابه هذا سماه : الانتصار ، وبوبه على أبواب المقنع في الفقه وهو محفوظنا انتهى كلام ابن مفلح.
(قلت) وظاهر كلام ابن حجي هذا : ان القاضي جمال الدين المذكور هو الذي يقال له قاضي الحمارة ، وكذا رأيته بخط صاحبنا العلامة شهاب الدين بن البغدادي الحنبلي ، وما قدمناه عن القاضي ابن التقي أنه قاضي الحمارة هو الذي مشى عليه شيخنا المحدث جمال الدين بن المبرد الحنبلي في كتابه : الدرة المضيئة والله أعلم.
وقال ابن حبيب في تاريخه : الجمال المرداوي عالم علمه زاهر ، وبرهان ورعه طاهر ، وامام تتبع طرائقه ، وتغتنم ساعاته ودقائقه ، كان لين الجانب ، متلطفا بالطالب ، رضي الاخلاق ، شديد الخوف والاشفاق ، عفيف اللسان ، كثير التواضع والاحسان ، لا يسلك في ملبسه مسلك سبيل ابناء الزمان ، ولا يركب حتى الى دار الامارة غير الاتان ، ولي