مخاطرة كبيرة وهذا الوصف لا ينطبق الا على الجهة التي كان فيها قاعة نور الدين أو قصره أو مسجده. وقد وصف هذا المكان المقدس وصفا رائعا كما كان في زمنه فقال :
بآخر جبل قاسيون وفي رأس البسيط البستاني الغربي من دمشق الربوة المباركة المذكورة في كتاب الله تعالى مأوى المسيح وأمه صلوات الله عليهما ، وهي من أبدع مناظر الدنيا حسنا وجمالا واشراقا ، واتقان بناء واحتفال تشييد ، وشرف موضع ، وهي كالقصر المشيد ويصعد اليها على أدراج. وهي كالبيت الصغير وبازائها بيت يقال انه مصلى الخضر عليهالسلام ، فيبادر الناس للصلاة بهذين الموضعين المباركين ولا سيما المأوى المبارك وله باب حديد صغير يغلق دونه ، والمسجد يطيف به وله شوارع دائرة ، وفيها سقاية لم أر أحسن منها ، قد سيق اليها الماء من علو ، وملؤها ينصب على شاذروان في الجدار متصل بحوض من رخام يقع الماء فيه ، لم ير أحسن من منظره ، وخلف ذلك مطاهر يجري الماء في كل بيت منها ويستدير بالجانب المتصل بجدار الشاذروان. ثم يذكر ابن جبير أوقاف هذا المكان المقدس فيقول : وللربوة المباركة أوقاف كثيرة من بساتين وارض بيضاء ورباع وهي معينة التقسيم لوظائفها ، فمنها ما هو معين برسم النفقة في الأدم (١) للبائتين فيها من الزوار ، ومنها ما هو للاكسية برسم التغطية بالليل ، ومنها ما هو معين للطعام الى تقاسيم تستوفي جميع مؤنها ومؤن الامين الراتب فيها برسم الامامة والمؤذن الملتزم خدمتها ولهم على ذلك كله مرتب معلوم في كل شهر وهي خطة من أعظم الخطط.
ويصف جمال مناظرها فيقول : ويشرف الانسان من هذه الربوة على جميع البساتين الغربية من البلد ولا اشراف كاشرافها حسنا وجمالا
__________________
(١) الادم ما يؤكل مع الخبز أي شيء كان.